محمد خير
لم يُفاجأ متابعو أعمال شعبان عبد الرحيم بالسرعة التي أنجز فيها أغنيته الجديدة “أهي بانت على أصلها»... كان متوقعاً، بعد تصعيد إسرائيل هجومها على لبنان، أن يقدّم الفنان الشعبي أغنية تضامنية مع بلد عربي. هو الذي عُرف مع شاعره إسلام خليل بمتابعتهما اليقظة للأحداث المحلية والعالمية، والتعليق عليها عبر أغان، وصور “شعبولا” أغلبها على نفقته الخاصة.
آخر هذه الأعمال كانت أغنية “خلصنا الصبر كله” التي انتقد فيها الرسوم الدانماركية المسيئة، وأغنية “أنفلونزا الطيور “ التي طالب نواب في البرلمان المصري بإعادة بثّها على الفضائيات العربية، “نظراً للتوعية البسيطة التي تضمّنتها، وقدرتها على مخاطبة الأميين الذين لن يقرأوا تعليمات وزارة الصحة”.
أقامت أغنيات «شعبولا» الدنيا ولم تقعدها. تصدّرت صوره أغلفة الصحف والمجلات والقنوات العالمية («التايمز» و«النيوزويك» والـ«سي إن إن» وغيرها)... وتعرّض ذلك المكوجي البسيط إلى حملة هجوم عنيفة. وفيما اعتبره النقاد رمزاً من رموز هبوط الأغنية والذائقة العربية، عزا آخرون إليه الفضل في إنزال السياسة من برجها العاجي إلى الشوارع والمقاهي. واعتبر محمد الدالي، مستشار الأمين العام للجامعة العربية، أنه «نجح في إيقاظ الشعور الوطني والقومي لدى شرائح كبيرة من أبناء الوطن العربي، على رغم ركاكة ألفاظ أغانيه».
انتقدت أغنيات عبد الرحيم «السياسة الخارجية»، لكنه لم يقترب يوماً من الموقف السياسي العربي إلا في إطار “يا عم عربي إصحى”. عزا بعضهم قرار إطاحة عمرو موسى من منصب وزير الخارجية إلى نجاح أغنيته الأولى “بكره إسرائيل”. وفيما احتجت الخارجية الإسرائيلية على الأغنية، قال بعضهم إنها زادت من شعبية موسى (رئيس جامعة الدول العربية)، بعد أن رشّحته استطلاعات رأي لمنصب رئيس الجمهورية. لكن الفنان الشعبي سارع إلى تقديم أغنية ــ لم تلق الشهرة ــ أشاد فيها بحكمة الرئيس مبارك. ولم يبد أي انزعاج من منع أجهزة الرقابة بث أغنية “معليش يا عم بوش” التي “أشادت” بأحداث 11 أيلول، وتمنّت من بن لادن إرسال “طيارة جديدة تفرح العرب”.
اليوم، غيّر شعبولا خطابه السياسي. واعتمد في “أهي بانت على أصلها» جرأة لم تظهر في أغنياته السابقة. انتقد في الكليب الذي بدأ يعرض على الفضائيات العربية، الأنظمة العربية. وأعرب عن خيبة أمله، بعد أن انتظر من إسرائيل تسليم زمام الحكم إلى رجل حقيقي يبحث عن السلام... حيّى شعبان المقاومة وعرض صورة للأمين العام لحزب الله وصور لبوش وأولمرت. وأكد أن من يقاوم إسرائيل لا بد من أن «نشد على إيديه»، بدلاً من ــ وهنا مربط الفرس ــ «نلوم عليه». وأخيراً، وبين مؤيد لشعبان ورافض لأغانيه، يؤكد بعض النقاد أن الاهتمام بأغنياته يعود إلى انعدام الاهتمام بالموقف السياسي العربي الذي لم يعد يحمل أي مفاجآت.