عمان ــ محمد فرحانبعد مسيرة أدبية حافلة شارفت على نصف قرن، رحل خليل السواحري أحد رموز القصة الواقعية في الأردن وفلسطين. ولد السواحري في قرية السواحرة القريبة من القدس عام 1940، وأنهى دراسته في كلية الرشيدية عام 1958، حيث تأثر بالأجواء السياسية السائدة. في تلك المرحلة، بدأ يتلمّس خطاه في مسالك الأدب الوعرة، فكتب الشعر المقفّى تارة، وتوجّه الى النثر والقصة طوراً. وشيئاً فشيئاً بدأ دوره في مسرح الحياة الأدبية في الأردن وفلسطين، وحصل عام 1965على إجازة في الدراسات الفلسفية والاجتماعية من جامعة دمشق.عاش الاحتلال الإسرائيلي الذي استولى على باقي الأراضي الفلسطينية في حرب حزيران، وانخرط في المقاومة الى أن أُبعد الى الأردن عام 1969. وفيها أشرف على الزاوية الأدبية لـصحيفة “الدستور”، حتى عام 1985. وشكّل الراحل أحد الأعمدة التي قامت عليها “رابطة الكتّاب الأردنيين”. كما برز كاتباً في صحيفة “الرأي” خلال تسعينيات القرن الماضي، حتى عودته إلى الضفة الغربية، حيث عمل مديراً عاماً للمكتبة الوطنية الفلسطينية. وبين 1996و 1998 عمل محرراً للشؤون الأدبية في جريدة “الأيام” الفلسطينية وكتب زاوية أسبوعية بعنوان "دفاتر الأيام”.
رصد السواحري عن قرب، وبواقعية تسجيلية، مراحل النضال الفلسطيني في مختلف أعماله، من مجموعة “مقهى الباشورة” في بداية السبعينيات ثم “زائر المساء” في منتصف الثمانينيات، وصولاً الى مجموعتي “تحولات سلمان التايه و مكابداته” (1996) و“مطر آخر الليل” (2002)...
فرض الراحل نفسه كأحد أبرز كتّاب القصة القصيرة في الأدب الفلسطيني. تمحورت أعمال السواحري حول القضية الفلسطينية ومفاصلها، بدءاً بالنكبة وانتهاءً بمكابدات العودة التي تلت “أوسلو”. وتكوّن مجموعة الحكايات في أعماله القصصية وحدة الحالة الوجدانية لكاتبها، بسبب وحدة الزمان والمكان والأحداث والشخصيات، لتدور في فلك قريب من فلك الرواية، وهو رأي ذهب إليه أكثر من ناقد تناول أعمال السواحري.
ويلاحَظ التنوع في طبيعة اهتمامات السواحري في مجال النقد والدراسات، فهو يكتب عن الشعر والقصة والرواية والمسرح، كما يكتب أحياناً عن الفن التشكيلي، ما يشير إلى الطبيعة الموسوعية لثقافته النقدية. كما خاض تجربة النقد الشعري في مرحلة “الأفق الجديد”، قبل أن ينحول اهتمامه الى تقنيات السرد الأدبي في القصة والرواية.
وبين أعماله النقدية “زمن الاحتلال ــ قراءات في أدب الأرض المحتلة” (“منشورات اتحاد الكتّاب العرب”، 1979)، و“حرب الثمانين يوماً في الشعر الإسرائيلي” (“دار الكرمل”، 1985).