القاهرة ــ حنين عمرو
اقترنت صورة “مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي” في ذهن الجمهور، بسوء التنظيم. وكثيراً ما وصفته الصحافة المصرية بـ“سيئ السمعة” ورأت أنه ليس أكثر من احتفالية، لا يرقى إلى مستوى المهرجانات الدولية وخصوصاً في ظل عثراته المادية المتكررة والخلافات الدائرة بين أعضاء الجمعية المنظمة.
لكن منذ عامين تقريباً، بدأ المهرجان يغيّر تلك الصورة، ويخرج من دوامة الخلافات. وتأتي الدورة الـ 22 في ظل وصول الناقدة السينمائية إيريس نظمي الى سدة القيادة، إذ اجتهدت في وضع لمسات مختلفة على برنامج هذا العام الذي يرتفع عنه الستار في الاسكندرية في الخامس من أيلول المقبل، ويستمرّ حتى العاشر منه. وجاءت الأحداث الساخنة التي تمرّ بها المنطقة العربية لتعطي المهرجان زخماً جديداً. إذ خصص حيزاً كاملاً لأفلام المقاومة. تستعيد تلك البانوراما محطات أساسية في السينما العربية “المقاومة”، من ”المخدوعون” فيلم توفيق صالح الشهير المأخوذ عن رواية غسان كنفاني “رجال في الشمس”، و“كفر قاسم” (برهان علوية) و“عرس في الجليل” (ميشيل خليفي)، وصولاً الى التجارب الفلسطينية التي لفتت الأنظار في العقد الأخير: “يد إلهية” (إيليا سليمان) و“الجنة الآن” (هاني أبو أسعد) و“حتى إشعار آخر” (رشيد مشهراوي)، مروراً بـ“زنار النار” (بهيج حجيج) و“يوميات بيروت” (مي مصري) وفيلم يسري نصر الله اللافت “باب الشمس” المأخوذ عن رواية إلياس خوري بالعنوان نفسه.. وتشاء سخرية القدر أن يحتفي المهرجان بـ“ناجي العلي” بحضور بطله نور الشريف ومخرجه عاطف الطيب، علماً أن الفيلم تعرّض لحملة شرسة عند تقديمه، وهو لا يزال ممنوعاً في مصر. وكان لا بدّ من العدوان المدوّي على لبنان وبطولات المقاومة التي صدّت جيوش الاحتلال، كي يُردّ الاعتبار الى فيلم سجالي أراق الكثير من الحبر. ونجحت إدارة المهرجان في الحصول على فيلم “شاهدت اغتيال بن بركة” للفرنسي سيرج لو بيرون، ليكون فيلم الافتتاح. ويتناول قضية اغتيال المغربي المعارض المهدي بن بركة أحد أهم رموز المقاومة المغربية. إلى جانب سينما المقاومة، تتنافس عشرة أفلام متوسطية في المسابقة الرسمية. يقدم جوانا حاجي ــ توما وخليل جريح شريطهما الجديد “يوم آخر”، والسوري نضال الدبس “تحت السقف”، والمغربي نور الدين لخماري “نظرة”، والمصري محمد علي “لعبة الحب”، والفرنسي جاك اوريار “توقف قلبي عن النبض” والإسباني تريستان بيور “موهوب بالنار”.
وتعكس الدورة المقبلة للمهرجان أزمة السينما المصرية، إذ تغيب الأفلام التي ترقى الى مستوى تمثيل مصر في المهرجانات، بعدما اقتصر نشاط معظم نجوم الشاشة على الأفلام التجارية. ولا بدّ هنا من توجيه اللوم الى ادارة المهرجان، فليتها فتحت كوّة على المستقبل من خلال استضافة تجارب سينمائية شابة ومستقلة.
وتكرّم الاسكندرية النجمين المصريين عزت العلايلي وبوسي، والمخرج التركي فا الكين. ويوجّه المهرجان تحية خاصة الى فنانين مصريين راحلين هما: أبو بكرت عزت وعبد المنعم مدبولي. كما سيواصل التقليد الذي اتبعه منذ ثلاث سنوات بتكريم نجوم الظل، ويكرم هذا العام راقص الكلاكيت الأشهر في السينما المصرية حسين عرعر.
وعلى رغم أن المهرجان يحفل بالمواضيع السياسية، فقد جاء ملصقه ليعكس حالات مختلفة لا علاقة لها بالمقاومة... إذ يصوّر عاشقين في وضع رومانسي على خلفية أن “السينما عشق الأجيال”.