صباح أيوب
اعتُقل اول من امس، مواطن نيويوركي بتهمة «دعم الإرهاب». أما فعلته المشبوهة فهي تمكين سكان أميركيين من مشاهدة محطة «المنار» في بلاد العم سام. شغلت هذه «القضية» مكتب التحقيقات الفيديرالي (FBI) منذ شهر شباط الفائت، اذ كلّفت الـ FBI أحد عملائها السريين رصد عمل صاحب شركة لتأمين خدمات بثّ المحطات الفضائية في بروكلين (نيويورك). وخلصت، في وثيقة رسمية نشرت أول من امس، الى أنّ «الشركة تساهم في دعم الإرهاب» وعلى أثرها اعتُقل صاحبها.
يعود تلفزيون «المنار» ليشغل الفضاء وقوانينه الدولية وليثير هذه المرّة الاستخبارات الأميركي مباشرة وعلناً. فبعدما منعت المحطة من البث في أوروبا، وبعد حملة شرسة عليها في فرنسا خصوصاً، بحجج مختلفة أبرزها بث مسلسل مصري من بطولة محمد صبحي بعنوان «فارس بلا جواد» (يستند بطريقة متسرعة الى بروتوكولات حكماء صهيون)، تثير «المنار» اليوم اهتمام الاستخبارات الأميركية ومكتب التحقيقات الفيديرالي ووزارة المال الأميركية وما يسمّى CATM او «التجمع ضد الإعلام الإرهابي» في الولايات المتحدة. وزارة المال الأميركية صنّفت المحطة في خانة «الوجود الارهابي الشامل» ومنعت الأميركيين من إقامة «إي صلة، من اي نوع كانت، معها». وأدرجت «المنار» في لائحة الاعلام الارهابي بسبب «تحريضها على العنف وإعداد افراد لتوظيفهم في منظمة ارهابية، وجمع الأموال لدعم نشاطات ارهابية حول العالم»، كما يقول ناطق باسم «التجمع ضد الاعلام الارهابي».
مُنعت «المنار» في معظم الدول الغربية التي تقوم أنظمتها على قوانين تحمي حرية الفكر والإعلام، وتحافظ على حق المواطنين في الاطلاع على جميع الوسائل الاعلامية ومصادر المعلومات. بينما كان هناك شبه صمت عالمي على تعرّض المحطة التلفزيونية وكل هوائياتها للقصف والتدمير اثناء العدوان الاسرائيلي الأخير على لبنان.
لكن «مفاجآت المنار» مستمرة على رغم الحصار، إذ احتلّت المرتبة العاشرة على قائمة المحطات العربية الأكثر مشاهدة في العالم العربي اثناء العدوان الاسرائيلي الاخير على لبنان. وفي تقرير حديث نشره موقع «مينا»، وأجرته شركة «ستات إيبسوس» للإحصاءات، تبيّن أنّ قناة «المنار» انتقلت من المرتبة الثالثة والثمانين الى المرتبة العاشرة لجهة نسبة المشاهدة في الدول العربية. وجاء في التقرير أنه «على الرغم من تدمير استوديوهاتها ثلاث مرات، ومتابعة بثها من اماكن سرية، نجحت محطة «المنار» ليس فقط في متابعة اعمالها طبيعياً، بل بتحقيق هذا الرقم القياسي في مسارها».
شغل لبنان الاعلام العالمي لمدة شهر في تغطية للعدوان الاسرائيلي الأخير. وخلال تلك الأسابيع، توضحت صورة الغطرسة الأميركية والوحشية الاسرائيلية في المنطقة. وها هي الدولة العظمى أميركا، تواصل حربها لإسكات صوت المختلف كيلا يُحدث خرقاً ما في «الترسانة الاعلامية» التي تعتمد عليها الادارة الأميركية «لتحسين» صورتها في الشرق الأوسط. هذه الصورة يساهم في الترويج لها عدد من وسائل الاعلام العربية التي تبث بكل حرية، من دون أن يمنعها أحد... أو حتى من دون أن يلجأ أحد إلى «تخوينها».