الاعلام العربي عامة، واللبناني تحديداً، المكتوب منه والمرئي والمسموع، يعيش منذ دهر ربّما في ظل قانون مشبوه، يذكّر بالعقد الشهير الذي تجتمع عليه عائلات المافيا الايطالية. تلك العائلات متنازعة في ما بينها غالباً بشكل دموي وعنيف، إنما متحدة ومتضامنة ضدّ المجتمع المدني ومؤسسات الدولة والشرعية. كل أفرادها وعرابيها، ملتزمون ازاء “الخارج” بمبدأ مقدس هو “قانون الصمت” (OMERTA). ويبدو أن القانون نفسه يحكم علاقات أهل الاعلام العربي، أفراداً ومؤسسات. هذا العقد الضمني يجعل من المحظور أن تتناول بالنقد أي “زميل” أو مؤسسة منافسة. الأومرتا الاعلامية العربية تلزم الجميع بالصمت المطبق، ازاء “الخارج” - أي الرأي العام - حين يتعلّق الأمر بعيوب الزملاء وأخطائهم. فالغسيل الوسخ يعالج دائماً داخل العائلة (الكبرى). ومن نافل القول إن هذا القانون يعطّل النقاش الصحّي، ويخلق حالة من التخثر والاهتراء، ناهيك بالتواطؤ السافر على القراء والمشاهدين.
حين تناولنا قضية استقالة صحافي من جريدة شعبية لبنانية، بعد أن احتل الشاشة الصغيرة بكثافة، ليلعب دوراً سياسياً واضحاً في الآونة الأخيرة، لم يكن هدفنا الاثارة، ولا الاساءة الى أي فرد أو مؤسسة... بل محاولة كسر ذلك القانون القديم. علنا نقوم، مع كثيرين غيرنا، بخطوة صغيرة على طريق الشفافيّة والديموقراطية.
بيار ...