أروى عيتاني
للحرب حساباتها: هي قدّرت وحكمت علينا بالحصار والعزلة. لكن وراء “الممرّات الآمنة” التي حدّدتها لنا، مئات الخلايا والممرّات. تلك التي تنساب بعفويّة، بمبادرات صادقة، بعيداً من “الجعجعة” التي تقام دائماً على شرف الحروب. احدى هذه المبادرات ستقام بين أول ايلول والثالث منه في مركز “دوّار الشمس”.
بدأت القصّة بسلسلة الرسائل التي بعثها فريق جمعيّة “شمس”، باشراف المخرج روجيه عساف، الى فنانين واصدقاء في العالم العربي والغربي منذ الأيام الأولى للعدوان، فأتت المبادرة من مثقفين تونسيين اتّصلوا بفنانين من ايطاليا وفرنسا، كهارولد بينتر وداريو فو وبعض الفنانين العرب، ودعوهم الى بيروت المحاصرةآنذاك في خطوة جريئة، لمعايشة يوميّات الحرب، وتكوين فكرة عن وحشيتها بعيداً عن التضليل الذي ينتهجه بعض وسائل الاعلام في بلادهم. إلا أنّ تضارب الأوقات وتوقّف العدوان، أدّيا الى اجراء تعديلات على الفكرة، ولا سيما بعد اعتذار داريو فو على عدم المجيء. وتحولت الفكرة الى تظاهرة يحتضنها “دوار الشمس” بين الأول من أيلول والثالث منه، ويشارك فيها فنانون من مختلف العواصم العربية والغربية. يتصدر القائمة كل من المسرحيين التونسيين، الفاضل الجعايبي وتوفيق الجبالي. ويتوزع البرنامج على محطات ثلاث: في اليوم الأول سيجتمع الفنانون لغربلة أفكارهم بحضور الصحافة والاعلاميين. في اليوم الثاني، سيزور الضيوف الضاحية الجنوبيّة وصور، ليتلمسوا عن كثب حجم الأضرار التي خلفتها وحشية العدوان، كما يلتقي هؤلاء بعض الأطبّاء والمتضررين. بعدها سيتّفق الفنانون على كيفيّة نقل الصورة الى بلدانهم في صيغة يحدّدونها بأنفسهم. أما اليوم الثالث والأخير فيشتمل على برنامج طويل في مسرح “دوار الشمس”، إذ ارتأى روجيه عساف مد جسور التواصل مع ضحايا الهمجية الاسرائيلية في فلسطين. يخشى عساف أن تكون “نجومية” لبنان حولت أنظار العالم عن احداث غزّة المأساويّة. من هنا فكرة اقامة اتصال مباشر على الانترنت، مع مثقفين وفنانين من غزة، من الطيونة، وبحضور حشد من المثقفين والمبدعين وأهل الإعلام.