تتمحور قصّة المسلسل حول الملياردير «نجيب زاهي زركش» الذي يعيش الحياة بطولها وعرضها، ساعياً وراء ملذّاته ومقدّساً حريّته الشخصية. بناءً على هذا المبدأ، رفض سليل العائلة المصرية العريقة ذات الجذور الأرمنية الزواج هرباً من «الخنقة» والمسؤولية. غير أنّ حياته التي رسمها بعناية غير آبه بآراء الآخرين، تنقلب رأساً على عقب بعد أن تكشف له عشيقته «شفيقة» (هالة فاخر ــ حقّق لها رغبتها بالزواج وهي على فراش الموت)، التي تعيش معه في قصره الفاره منذ ثلاثين عاماً، وقبل ساعات من رحيلها، أنّ لديها ثلاثة أولاد أحدهم ابنه، لتبدأ رحلته لمعرفة الحقيقة. تتنقّل الأحداث بين الواقع والفانتازيا، مُحدثةً إيقاعاً درامياً مختلفاً عمّا نشاهده على الشاشة الصغيرة في رمضان الحالي، على الرغم من تنوّع الأعمال. ما يُحكى في المسلسل عن «فضل» ودور عائلة زركش في تاريخ صناعة الفن السابع في مصر لا يمتّ إلى الواقع بصلة. فجدّه لم يؤسّس معظم دور السينما في البلاد منذ بدايات القرن العشرين، ولم تسهم العائلة في إنتاج أبرز الأشرطة السينمائية ولم يكن قصر الأسرة الفاره مقصداً للنجوم ولا مقرّاً لعقد الصفقات الفنية. لكن هذا ما يخبرنا إيّاه الراوي والخادم المُخلص «طريف» (يبدع في أدائه محمد محمود) ــ ولاحقاً نجيب نفسه ــ عن أصول الرجل الذي يمتلك الآن سلسلة من المجمّعات التجارية والمطاعم والسينمات والكافيهات الفاخرة في مصر وخارجها.
يستند العمل إلى مسرحية Filumena Marturano لإدواردو دي فيليبو
تنقسم الحكاية بين مرحلتين؛ أُولاهما حين يكون البطل تحت تأثير الكحول التي يحرص على تناولها ليلاً مع خادمه ونديمه «طريف»، فيصبح قادراً على البوح وتتملّكه رغبة عارمة في التكفير عن أخطائه. أما الثانية، فهي فترة الصحو التي يبرز فيها نجيب زاهي زركش الأناني والمستهتر في كلّ شيء، حتى في مشاعر وكرامات من حوله.
ملاحظات عدّة يمكن أن تُسجّل على النصّ، خصوصاً أنّ الحبكة ربّما لا تصلح أن تكون أساساً لمسلسل من 30 حلقة، الأمر الذي تُرجم إطالة وتفكّكاً في مجريات الأحداث بعد إجراء فحص الحمض النووي لإثبات الأبوّة (وهو ما لم يكن متوافراً حين أبصرت المسرحية والفيلم الإيطاليان النور). كما تشمل الحبكة جوانب غير مقنعة أو غير أمينة لواقع المجتمعات العربية، كأن تعيش بائعة هوى لثلاثة عقود في منزل رجل يرضخ لطبقية المجتمع الذي ينتمي إليه وإن كان متمرّداً في جوانب عدّة من حياته.
لكنّ أداء يحيى الفخراني الأخّاذ كالعادة، كان كفيلاً بغضّ الطرف عن مكامن الخلل. التلقائية، العفوية، خفة الظلّ والحرفية، هي الأدوات التي طوّعها الممثل المخضرم للعب شخصية «الدونجوان» نجيب زاهي زركش، ليأسر المتابعين ويجذبهم. وهذا متوقّع من صاحب الرصيد الكبير من النجاحات على مدى أكثر من أربعة عقود.
في «نجيب زاهي زركش»، يعمل يحيى الفخراني مجدداً مع عبد الرحيم كمال الذي سبق أن كتب «شيخ العرب همام»، قبل أن ينضم المخرج شادي الفخراني لاحقاً إلى سلسلة النجاحات كما حدث في «الخواجة عبد القادر» (2012)، «ونّوس» (2016) و«دهشة» (2014). ربّما لن يرقى تعاون الثلاثي في «نجيب زاهي زركش» إلى الأعمال التي وقّعوها في السنوات السابقة، إلا أنّ الأكيد أنّه عمل مختلف بمزاج خاص، يؤمّن مساحة من الفكاهة بعيداً عن زحمة الأكشن والإثارة والرومانسية.
«نجيب زاهي زركش» على dmc (س: 22:30)، «ON دراما» (س: 20:45)، «شاهد VIP» وWatch It
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا