في لوحات جورج مرعب أصداء صوفيّة، مفعمة بأساطير المتوسّط، فهو يحتفي مثلاً بـ «فرس نوسترو»، مبتهجاً بروعة الطبيعة والوجود، فرحاً بليالي الصيف ونعيمها السماوي، مرسلاً التحيّة إلى مهرجانات جعلت البحر الأبيض المتوسّط مركزاً للعالم: بعلبك، قرطاج، أثينا، بومبي، روما، جبيل. فنّه مثال ونموذج للمتوسط المستنير ومعابده التي ترمز إلى وحدة الوجود. والمعرض يستند إلى ذاكرة الفنان ومعارفه، سواء الأسطوريّة (زوس يخطف أوروبا في منحوتة له) أو الواقعيّة الراهنة التي تتجلّى في ما يصفه هو نفسه بـ «مأساة الأشجار».
أصداء صوفيّة مفعمة بأساطير المتوسّط
جورج مرعب حسّاس إزاء المسألة البيئيّة التي تنضح في لوحاته على نحو دراميّ. عمله على الأشجار ثلاثيّة البعد، يدور حول جذوع الأشجار المقطوعة التي غُرزت فيها فؤوس القطع، تأكيداً على حالة البؤس البيئيّة التي نشهدها. يغيب اللون أحياناً ليشي بالحزن على الشجرة. في منحوتاته إدانة، وفي رسومه أمل وتفاؤل، لخلق توازن بين القبح والجمال البيئيَّين. عالم قد يكون جميلاً من بعيد، لكنّه عن قرب أقلّ بهجة بكثير من العالم الذي يودّ إعادة تشكيله فنّاناً. يُعيد اكتشاف لبنانه بأدقّ التفاصيل وأكثرها واقعيّة. يسعى في لوحاته إلى بهجة الطبيعة التي لا يعكّر صفوها إلّا فأس مغروزة في جذع شجرة.