تونس | كتاب فني فاخر صدر أخيراً بدعم من «صندوق التشجيع على الإبداع الأدبي والفني» (وزارة الثقافة التونسية) يمثّل قراءة تاريخية وتحليلية في تجربة النسيج الفني في تونس. تحت عنوان «فن النسيج في تونس»، تقدّم عواطف منصور الرسّامة والنسّاجة والخزّافة والأكاديمية في كلية الآداب والفنون والإنسانيات في منوبة، قراءةً في تجارب الفنانين النسّاجين في الكتاب الأوّل من نوعه الذي يهتم بالنسيج في تونس الذي كان حرفةً تقليديةً تمارسها النساء والرجال على حدّ سواء في جهات مختلفة من البلاد، قبل أن يتحوّل إلى اختصاص فنّي مثل الخزف والنحت والفسيفساء، وتختلف المفردات التشكيلية في النسيج الفني من جهة إلى أخرى، وهو تراث عريق في تونس عملت الدولة على تطويره في بداية ستينيات القرن الماضي بعد أحداث ديوان الصناعات التقليدية الذي اعتمد على تصاميم العديد من التشكيليين التونسيين في حين كان بعضهم ينسج بنفسه مثل الفنان الراحل أمحمد مطيمط (1938-2011). أما من الجيل الجديد، يمكن تسمية زهور الزردي ومؤلفة الكتاب عواطف منصور، وهدى رجب وغيرهن.
«حفر في الذاكرة» لعواطف منصور

يبرز الكتاب هذه التجربة الفنية الخاصّة، متضمّناً عدداً كبيراً من صور لوحات النسيج الفني مع قراءة في تجارب النسّاجين التونسيين الذين قسّمتهم الباحثة إلى ثلاثة أجيال: الجيل الأول ضمّ حميدة وحّادة، ومحمد مطيمط، وصفية فرحات، ومحمد نجاح، وعلي ناصف الطرابلسي، ونجا المهداوي، وعبد العزيز القرجي، والحبيب بيدة، ورشيد الفخفاخ، ومحمد بن غربال، وصالح بن عمر. وفي الجيل الثاني، درست تجارب زهور الزردي، وأمينة السعودي، وفاطمة الصّامت، وعمر كريم وغيرهم. أما الجيل الثالث فضمّ هدى رجب وعواطف منصور وغيرهما.
الباحثون خليل قويعة وغازي إنعيم من الأردن وإبراهيم الحيسن من المغرب قدّموا شهادات عن الكتاب، واعتبروه من أهم ما صدر في السنوات الأخيرة في البحث في النسيج الفني، وتطوّر النسيج من مجرّد حرفة يدوية تقليدية إلى فن يمارسه الفنانون التشكيليون، إمّا في مستوى التصميم فقط، أو في التنفيذ بالنسبة إلى بعض الفنانين الذين مارسوا النسيج في ورشاتهم مثل زهور الزردي التي تحدّثت عنها الباحثة، وأنجزت أخيراً معرضاً كبيراً لمنسوجاتها تحت عنوان «رحلتي مع النسيج».
تراث عريق عملت الدولة على تطويره في بداية الستينيات


درست عواطف منصور في الفصل الأوّل من الكتاب نشأة النسيج وتطوّره من النفعي إلى الفني، وفي الفصل الثاني اهتمت بمصطلحات النسيج، وخصّصت الفصل الثالث للتأثيرات العالمية والمحلية في ولادة النسيج الفني. أما في الفصل الرابع فدرست نشأة النسيج الحائطي التشكيلي في تونس والتأثيرات التي خلّفها.
يمكن اعتبار هذا الكتاب أوّل عمل أكاديمي ينصف النسّاجين التونسيين ويضعهم في دائرة الضوء النقدي ويقدّمهم إلى الأجيال الجديدة، وخصوصاً بالنسبة إلى الروّاد الذين غادرونا منذ سنوات. كما يبرز تطوّر النسيج في تونس منذ انخراط خرّيجي المعاهد العليا للفنون الجميلة في بداية الستينيات من القرن الماضي في تجربة النسيج والعمل على تطويره، إلى أن أصبح اختصاصاً يدرّس في معاهد الفنون الجميلة في الجامعة التونسية.