القاهرة | سببان أساسيان أفقدا البرامج الحوارية المعدّة للعرض في شهر الصوم درجة «السخونة» المعتادة في السنوات الماضية. السبب الأقلّ تأثيراً هو غياب عدد من أصحاب هذه البرامج عن تقديمها والاكتفاء بالمتابعة الإخبارية لما يجري من أحداث مثل لميس الحديدي، وإبراهيم عيسى. أما عمرو الليثي المقرّب من نظام الإخوان، فاتجه مبكراً إلى تقديم برنامج ديني طوال شهر رمضان.
لكن السبب الأكثر أهمية هو الأحداث السياسية؛ إذ تصدّر اهتمامَ المصريين اعتصامُ رابعة العدوية ومليونيات دعم الجيش وقرار عزل محمد مرسي، وتفجيرات سيناء، والاعتداءات المتبادلة بين الإخوان المسلمين والجماهير الغاضبة من حكم الجماعة، والقتل الجماعي الذي تعرّض له أنصار مرسي أكثر من مرة. يُضاف إلى كل ما سبق اعتصام معظم الشخصيات السياسية البارزة بالصمت باكراً، وخصوصاً أنّ البرامج مسجّلة، وبالتالي اعتذروا عن عدم التصوير قبيل رمضان حتى لا تتغيّر الأوضاع على الأرض بالتزامن مع عرض الحلقات. كذلك فإن مجموعة من أبرز المتحدثين بلسان الإخوان دخلوا السجن فور عزل مرسي، والباقون مختفون عن الأنظار، ويظهرون فقط على منصة اعتصام رابعة. لذلك، لا يمكن توجيه اللوم إلى أصحاب البرامج الحوارية في رمضان 2013، لأنهم لم يقدّموا درجة السخونة المعتادة. في ضوء هذا التمهيد، يمكن تفسير سبب نجاح بعض حلقات هذه البرامج بدرجة أكبر من غيرها. على سبيل المثال في «أنا والعسل 2» (23:30_ الحياة2» و lbci) تظلّ حلقة الإعلامية المصرية بسمة وهبة التي تواجه مرض السرطان منذ مدة الأهم على الإطلاق (الأخبار 24/7/2013). ربما على مستوى باقي برامج رمضان أيضاً، حقّقت تلك الحلقة ردّ فعل هائلاً حتى عند هؤلاء الذين لم يعرفوا اسمها قبل ظهورها مع الإعلامي اللبناني نيشان. كذلك شهدت المداخلة النارية بين غادة عبد الرازق ومخرج مسلسلها «حكاية حياة» (21_ cbc) محمد سامي في «أنا والعسل 2» ضجّة كبيرة، وخصوصاً مع تهديد الأخير لبطلة مسلسل «مع سبق الإصرار» بأنّه سيكمل إجراءاته القانونية ضدها ولن يفرّط بحقّه. استفاد نيشان من انفراده بالظهور يومياً مباشرة على الهواء، ونجح في جعل معظم الحلقات مرتبطة إما بالأحداث السياسية أو الفنية الجارية. في اتجاه مختلف، جاءت حلقة القيادية الإخوانية وعضو مجلس الشعب السابق، عزة الجرف الشهيرة بـ«أمّ أيمن» التي عرضت مساء الخميس الماضي في برنامج «آسفين يا ريس» (قناة «القاهرة والناس»)، لتغطّي على ما قدّمه طوني خليفة من حلقات ساخنة منذ بداية شهر رمضان. هنا معيار السخونة مختلف؛ إذ تقوم فكرة البرنامج الجديدة من نوعها، على انتقاد الضيف لعصر أحد رؤساء مصر. لذلك عندما هاجم عمرو واكد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، انطلقت المعركة المعتادة بين محبّي الزعيم الراحل والممثل المصري، كما يحدث كلما هاجم أحدهم قائد «ثورة يوليو». لكن الوضع كان مختلفاً مع أمّ أيمن التي صوّرت الحلقة بعد أيام من عزل مرسي، لكنها أطلّت على الشاشة لتؤكّد أن الرئيس المعزول يتواصل روحانياً مع رفاقه، ولتكذّب كل ما يعرضه الإعلام من جرائم للجماعة المنتمية إليها. وصفت أم أيمن نفسها بأنها «قائدة للمسلمات»، وبشّرت بعودة مرسي إلى الحكم، لكنّها انسحبت من الحلقة عندما اتهمتها ضيفة المواجهة، الحقوقية عزّة كامل، بأنّها أساءت إلى المرأة المصرية تحت قبّة البرلمان. جاءت السخونة من شخصية أمّ أيمن التي انطلقت تقول ما تؤمن به من دون قيود، أي عكس ضيوف كثر يفكّرون ملياً قبل التفوّه بأي كلمة، في حال موافقتهم على الحوار أصلاً. على القناة نفسها (القاهرة والناس)، يعرض برنامج «سمر والرجال ولكن» الذي اضطرت المذيعة سمر يسري إلى تقديمه بعد تجميد برنامجها «المرشد» الذي كان مقرراً في هذا الموسم الرمضاني وأُلغي في اللحظات الأخيرة. رغم الجهد المبذول في الإعداد والأسئلة، إلا أنّ استهلاك الفكرة في الموسم الأول الذي كان ضيوفه من الرجال عكس نساء الموسم الحالي، جعل الحصول على انفراد أمراً يرتبط أيضاً بقرار الضيف. هذا ما فعلته الممثلة المصرية رانيا يوسف عندما منحت الإعلامي يسري فودة خبر زواجها الجديد حصرياً ضمن برنامجه «آخر كلام» على «أون. تي. في». على قناة cbc، كان الوضع معكوساً في ما يخص برنامج «جر شكل»، فهو أوّل ظهور تلفزيوني للصحافي والإذاعي محمد علي خير. يُعَدّ الأخير محاوراً جيّداً ومحبوباً من قطاع عريض في زمن قياسي. لم يطل إعلامياً إلا منذ عام واحد، لهذا جاء هو أقوى من ضيوفه، وخصوصاً مع تكرار تصريحات ضيوفه. عندما يقول إعلامي محسوب على نظام مبارك مثل أحمد شوبير عن علاء حسني مبارك «أتمنى ربّنا يفكّ سجنه»، فلن تقوم الدنيا ولا تقعد؛ فالناس الآن مشغولون بمصير مرسي المخلوع رقم 2. معضلة التصريحات المتكرّرة ستواجهها الإعلامية وفاء الكيلاني بعد رمضان إثر إعادة بثّ برومو برنامجها المؤجل «قُصر الكلام» على «أم. بي. سي. مصر» (الأخبار 11/7/2013). تسأل الكيلاني ضيفها الخفي في البرومو «من الذي حرق ملفات أمن الدولة؟»، وهو حدث جرى في آذار (مارس) 2011. بالتالي، فقد تكون الكيلاني قد صنعت برومو منفصلاً عما يجري في الحلقات، ومعظم نجومها من الفنانين، أو أنّها قبلت التحدّي وستجيب وهي في بيروت حيث تصوير البرنامج عن أسئلة فشل إعلاميو القاهرة في فكّ ألغازها.