انطلقت الدورة الأولى من Courtes mais bonnes العام الماضي كمغامرة تخوضها زينب فرحات، مسؤولة البرمجة في فضاء «التياترو» المسرحي (تونس). تظاهرة «المسرح القصير»، جاءت لتضع المشاهد أمام وجه جديد للمسرح: لماذا لا ننتج مسرحيّة قصيرة، كما ننتج فيلماً قصيراً؟ هذا السؤال الذي أرّق المسرحية التونسيّة، تحوّل إلى فكرة وإنجاز. وها هو «لقاء المسرح القصير» يخوض هذا العام دورته الثانية. التظاهرة التي انطلقت قبل أيام وتستمرّ حتى 14 نيسان (أبريل) الجاري من إنتاج فضاء «التياترو»، وتنفيذ مجموعة من الفنّانين الشباب بين عروض وتجهيز ونحت. تتراوح مدة كل عرض بين دقيقتين و15 دقيقة. عروض «المسرح القصير» لا تلتزم بضوابط الزمان والمكان ومادية الديكور. تقدّم كلّ العروض، على اختلاف مواضيعها، بطريقة متسلسلة، بشكل يكون كلّ عرض منفرداً ومنفصلاً، لكنّه مرتبط في إطار المجموعة. هذه طريقة للقول بأنّ الأفكار الفرديّة يمكنها إذا اجتمعت، أن تنتج عملاً متجانساً، يحترم التنوّع فيه. هذا التنوع في الفكرة، يجد طريقه أيضاً إلى الشكل والنمط الفنيين، إذ لا تقتصر العروض على المسرح، بل تشمل فريق عمل من اختصاصات مختلفة، وتتنوّع العروض بين الضاحكة، والساخرة، والباكية.

انطلقت الفكرة بطريقة عفويّة، لتصير لاحقاً أكثر تنظيماً، مع فريق عمل حافظ على مكوّناته. خلال لقاءاتها مع الفنانين وطلاب «التياترو ستوديو» (فضاء تكويني لهواة المسرح تحت إدارة المسرحي توفيق الجبالي)، طرحت زينب فرحات على هؤلاء فكرة إنجاز مسرح قصير، يتحوّل إلى نمط مسرحي مستقلّ، وقائم بذاته. الممثل والمخرج المسرحي نوفل عزارة الناشط في مختبر المسرح القصير، يرى أنّ الفكرة لا تزال في مرحلة التجريب، رغم إعادة إنتاجها في دورة ثانية. ويرى عزارة أنّه لا يمكن تقويم التجربة ذاتياً اليوم، «بل على النقاد الاضطلاع بمهمّة تقديم رؤية نقديّة للموضوع، يمكن من خلالها للتجربة أن تتطور وتتفرع أو تتوقف». ويضيف: «مشروع المسرح القصير اجتماع لأحلام منفردة، تحاول أن تندرج في سياق جماعي عبر التنسيق في المضمون والشكل، وتطوير هذا المشروع لا يمكن أن يأتي من النقد الداخلي فقط». يشمل برنامج «لقاء المسرح القصير» عروضاً عديدة، منها «تشوّق» (عرض غنائي لعلياء السلامي)، و«ليدي ماكبث» (عرض مسرحي لعبد المنعم شويّات)، و«ذاكرة منحوتة» (نحت لمنى بلحاج)، «أكاهو» (رقص عماد جمعة)، «ديكودراما» (تركيب لنوفل عزارة)، و«أنا الغاغا» (عرض لمعز غديري) ... تقدّم العروض في فضاء «التياترو» ضمن سلسلتين، تمتدّ كلّ واحدة منهما على ثلاثة أيام.



«لقاء المسرح القصير»: حتى 14 نيسان (أبريل) الجاري ـــ «التياترو» (تونس العاصمة). www.elteatro.net