تونس | تُختتم اليوم أيام الدورة السابعة من «وثائقيات تونس» (اللقاءات الدولية للفيلم الوثائقي في تونس) التي تقيمها مؤسسة «ناس الفن»، وتوزّعت عروضها بين قاعتي «المونديال» والمسرح البلدي. المهرجان الذي افتتحه شريط سنية الشامخي «مناضلات»، خيّمت عليه أفلام تسجيلية ترصد التحولات السياسية التي تعيشها المنطقة العربية منذ 14 كانون الثاني (يناير) 2014 حين فرّ الرئيس زين العابدين بن علي بعد 23 عاماً من الحكم لتبدأ مرحلة جديدة أفضت الى صعود الإسلاميين في تونس، وسقوط نظام القذافي في ليبيا، وسيطرة الإسلاميين على البرلمان المصري، ومغادرة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح السلطة، وغرق سوريا في مستنقع من العنف يهدد وحدتها. شريط «مناضلات» لسنية الشامخي استعرض مشاركة المرأة في الحياة السياسية في تونس من خلال بورتريهات لناشطات مثل بشرى بالحاج حميدة وراضية النصراوي، اثنين من أبرز وجوه اليسار التونسي، وممثلة حركة «النهضة» في المجلس التأسيسي سعاد عبدالرحيم التي اشتهرت بعدم ارتدائها الحجاب رغم انتمائها إلى الحركة الإسلامية.
يطرح الشريط سؤالاً عن مستقبل حضور المرأة في ظلّ صعود التيار الإسلامي وخروج دعوات مطالبة بالتخلي عن «مجلة الأحوال الشخصية» (قانون) التي تعد المكسب الأساسي للمرأة التونسية. كان الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وراء صدور هذه المجلة التي منعت تعدد الزوجات في زمن كان فيه شيوخ وعلماء جامع «الزيتونة» يتمتعون بسلطة معنوية ودينية كبيرة في الحياة العامة.
هذا المناخ السياسي بتفاصيله رصدته أفلام المهرجان مثل «وداعاً مبارك» لكاتيا جرجورة ومجموعة من الأعمال السورية التي أخرجها شبان سوريون مقيمون في أوروبا بتمويل من قنوات أوروبية مثل «أرتي»، الى جانب شريط وثائقي بعنوان «حاتم بالطاهر» أنجزه المخرج صالح الجدي عن شهيد الثورة التونسية الذي اغتيل صباح 12 كانون الثاني (يناير) في مدينة دوز (أقصى الجنوب التونسي)، ليكون اغتيال أستاذ زائر في الجامعات الفرنسية فضيحة حقيقية لنظام بن علي الذي سقط بعد يومين. ومن أفلام الدورة أيضاً، «ظلال» للمنتجة والمخرجة المصرية ماريان خوري، والمخرج التونسي مصطفى الحسناوي الذي توفي قبل عام. يصوّر الشريط تأثير الضغوط العائلية في الانسان، فتقوده الى مستشفيات الأمراض النفسية. ويتجوّل العمل في أروقة مستشفى الأمراض النفسية والعصبية في منطقة العباسية وسط القاهرة. عرَض «وثائقيات تونس» أيضاً أعمالاً من ليبيا، والجزائر، ولبنان، وتركيا، واسبانيا، وفرنسا، والأرجنتين، مؤكداً أنّه صار موعداً سنوياً لمخرجي ومنتجي الأفلام التسجيلية في الوطن العربي.