«حلقة ساخنة جداً من للنشر. دماء، سحر، شعوذة، وأطفال يأكلون كلباً... كونوا كتار» بهذه العبارة روّج طوني خليفة للحلقة الثانية من الموسم الجديد من «للنشر» على الصفحة الخاصة بالبرنامج على فايسبوك قبل أيام من العرض. تحمس الجمهور المتعطش لمشاهدة حلقة عالية التشويق والإثارة. لكن سرعان ما سيكتشف بأنّ «أبو الدم» أو «دراكولا طرابلس» وفق ما سمّاه الاعلان الترويجي هو مجرد انسان يقوم بعمل انساني عبر تأمين الدم الى المحتاجين خصوصاً في معارك جبل محسن ــ باب التبانة الأخيرة.
إذاً، استغل الإعلامي المعروف حالة «الدراكولا» هذا، وأوقع المشاهد في فخ الترويج بغية استدراجه. في البرنامج الذي يُعرض كل مساء سبت على «الجديد»، نالت طرابلس حصة أيضاً لكن هذه المرة عبر بوابة التكنولوجيا. إذ نقل التقرير تقنية «التوكي ووكي» التي تتيح التنصت على مختلف الأحاديث التي تدور في الأجهزة اللاسلكية. وقد ارتأى «للنشر» نشر الشتائم والأحاديث الطائفية البغيضة التي كانت تدور بين المقاتلين على جبهتي جبل محسن وباب التبانة مع تعمد تقطيع بعضها لكنها بقيت واضحة المضمون. أما فقرة «قضية للنشر»، فأضاءت على عشرة أطفال يعيشون في وضع مزر، وقد قيل إنّهم التهموا كلباً بعدما قطعوه إرباً. هكذا راحت الكاميرا تجول عليهم مموهة وجوههم وهم يلاعبون كلباً آخر محاولين هذه المرة القضاء عليه. واللافت في هذه الفقرة التي استضافت اختصاصياً نفسياً ومساعدة اجتماعية وجار الأولاد العشرة الذي وشى بهم الى القناة، هو الدقائق القليلة التي أُعطيت لسماع آراء اختصاصيين في هذه الحالات مقارنةً بالوقت الطويل نسبياً الذي خصص لعرض التقرير وتعقيب خليفة عليه وتكراره للعبارات العنفية بتسمية أعضاء الكلب المقطعة والتهام الأولاد لها «كطبق أساسي» على مائدتهم. وهذا قد يؤكد «حرص» البرنامج على إحداث الصدمة بجمعه عنصرين أساسين للجذب هما: الناحية الإنسانية التي تجلّت في الطفولة المقهورة والمنحى الإجرامي لدى هؤلاء الأطفال. أما الطامة الكبرى فقد أجلها البرنامج الى آخر فقرة «تحقيق للنشر» ربما لتأمين المشاهدة العالية، خصوصاً في موضوع يثير كثيرين ويقع ضمن مصطلحات «الدماء» تيمة الحلقة! الكلام كان عن «كيفية سيطرة المرأة على الرجل بدم ميعادها» من خلال تقرير استند الى خرافة تقول بأنّ القليل من هذه الدماء في فنجان الزوج قد تبقيه بصفة أبدية الى جانب زوجته! خرافة لم يعرف مصدرها وحتى المشعوذ الذي أطل في التقرير وعلى بلاتوه البرنامج، متحدثاً عنها من دون أن بتبناها لأنها تقع خارج «اختصاصه». وكي يكتمل المشهد، استضافت الفقرة أحد «ضحايا» الشعوذة (من خارج سياق الموضوع) الذي روى كيف شرب سائله المنوي ليتخلص من حالته النفسية المتدهورة عبر اتباع نصيحة أحد المشعوذين!
حلقة «الدماء» هذه لم تثر الا مزيداً من الاشئمزاز في صفوف المشاهدين. علّق بعضهم على صفحة البرنامج بالسؤال «هل يوجد أقرف من هذه الحلقة؟!». هكذا طغى «القرف» على البرنامج التلفزيوني الذي لم ير سبيلاً لاستقطاب الناس سوى الدماء. ولعل أبرز دليل على ذلك هو شكره للمتابعين الذين فاق عددهم 44 ألفاً على فايسبوك! هنيئاً إذاً لانطلاقة الموسم الثاني من «للنشر» بهذا «الزخم الدموي» أيضاً!