تونس | خلال خطبة الجمعة الماضية التي نظّمتها حركة «النهصة» في ساحة القصبة في العاصمة التونسية ضمن حملة «اكبس»، شنّ الحبيب اللوز القيادي البارز في الحركة هجوماً عنيفاً على الصحافيين، داعياً الى «ضربهم» باعتبارهم من رموز الثورة المضادة! هذا الهجوم غير المسبوق جاء ليؤكد على خطة «النهضة» في استهداف استقلالية الاعلام وإعادته الى بيت الطاعة. وقد أصدرت النقابة الوطنية للصحافيين بياناً أدانت فيه تصريحات الحبيب اللوز ودعت قوى المجتمع المدني الى مساندتها في الدفاع عن استقلالية الاعلام، مهددةً بمقاضاة اللوز المعروف بتشدده وسط صمت «النهضة» إزاء تصريحه هذا.
الخوف من ضياع الحرية وعودة الدولة للتحكم بوسائل الاعلام الرسمية والخاصة، أملته مجموعة من المعطيات بدأت بسلسلة تعيينات في التلفزة التونسية لم تراع مبدأ الاستقلالية وانتهت بالإعلان عن بيع المؤسسات الإعلامية التابعة للدولة مثل «دار الصباح» وإذاعة «موازييك» وإذاعة «الزيتونة» وإذاعة «شمس أف. أم» وشركة «كاكتوس» للإنتاج التلفزيوني.
وزير المالية بالنيابة سليم بسباس قال في مؤتمر في العاصمة حضره عدد من أسرة «دار الصباح»، أعرق مؤسسة خاصة في تونس قبل أن تصادرها الدولة ضمن ما صادرته من عقارات وشركات تابعة لأسرة الرئيس السابق، إنّ المؤسسة تعيش وضعاً مالياً وصفه بالكارثي. هذه التصريحات واجهها صحافيو «الصباح» الحاضرون برفع شعارات تطالب بالحرية مثل «لا يمين لا يسار الصحافة للأحرار». ونفت نقابة «دار الصباح» كل ما قاله الوزير بالنيابة. وأكّد مصدر من النقابة أنّ ديون المؤسسة لا تتجاوز ٩٠٠ الف دينار (حوالي ٦٠٠ الف دولار). وشدّد على أنّ بيع المؤسسة ليس سوى مقدمة للسيطرة عليها بعدما فشلت الحكومة في الهيمنة على خط التحرير.
رواية الوزير بالنيابة عن العجز المالي شكك فيها إعلاميون اعتبروا أنّ الحكومة تريد الهيمنة على الاعلام الرسمي عبر بيعه إلى رجال أعمال مقرّبين من «النهضة». وتتعزّز هذه الفرضية حين نعلم أنّ إذاعة «شمس أف. أم» لا تعاني أي عجز مالي، ومع ذلك ستباع لكتم صوتها خصوصاً أنّها تحظى بانتشار واسع في تونس واشتهرت بجرأة برامجها سيما «سايس خوك». ويقول صحافيون يعملون في الإذاعة إنّها تتعرّض لضغوط كبيرة من نافذين في الحكومة، في حين حققت شركة «كاكتوس» التي يقبع بسببها المنتج سامي الفهري حالياً في السجن، مردوداً مالياً محترماً، وتملك الدولة ٥٠ في المئة من أسهمها.
الأزمة القديمة الجديدة بين الحكومة والصحافيين شهدت تطورات جديدة. إذ أعلنت مؤسسة التلفزة الوطنية عن إضراب عام في القناتين الاولى والثانية يوم ١٣ الجاري احتجاجاً على التعيينات في إدارة المؤسسة. كما أعلنت نقابة «دار الصباح» عن إضراب يوم ١١ الجاري حيث سيتوقف بمقتضاه إصدار صحيفتي الدار «الصباح» وLe Temps في انتظار تأكيد الإضراب العام الذي اقترحته الجلسة العامة للنقابة الوطنية للصحافيين. هذا التجاذب بين الصحافيين والحكومة هو فصل من فصول الاحتقان الذي تعيشه البلاد منذ صعود الترويكا الى الحكم التي تسعى الى إعادة انتاج النظام السابق بكل ما فيه من قمع للحريات وهيمنة الحزب على الدولة.