لم يمرّ «معرض الجزائر الدولي للكتاب» من دون إثارة الجدل. الروائي رشيد بوجدرة استغل الفرصة ليكشف عما يدور في ﻧهنه، وينزع صفة «الكاتب» عن ياسمينة خضرا الذي استنجد بغبريال غارسيا ماركيز للدفاع عن سمعته! إدارة المعرض برمجت، هدا العام، تكريمين: الأول لرشيد بوجدرة (1941)، باعتباره أحد أهم المجددين في الرواية الجزائرية، والثاني لياسمينة خضرا (اسمه الحقيقي محمد مولسهول، 1955)، باعتباره أشهر الكتّاب الجزائريين في الخارج.
مقاربة بين روائيين مختلفين في عوالمهما، وفي تفكيرهما وفي قناعاتهما، لم ترق كثيراً لصاحب «الحلزون العنيد» الذي لم يفوّت فرصة لتوجيه رسالة الى المنظمين والى صاحب «سنونوات كابول» قائلاً: «ياسمينة خضرا ليس كاتباً أصلاً. هذا رأي أعبّر عنه من منطلق كوني قارئاً قبل أن أكون كاتباً». حاول بوجدرة أن يستبعد فرضية «الغيرة» أو تصفية الحسابات مع خضرا (الكاتب والضابط المتقاعد في الجيش الجزائري)، متابعاً: «لا أريد إثارة جدل والحديث أكثر. هذا هو رأي، اعتقد بأنّه واضح». رشيد بوجدرة الذي يظل متشبثاً بتوجهه الماركسي، قال إنه يعتقد أنّ كاتب ياسين هو «الكاتب العربي الوحيد الدي يستحق جائزة نوبل للآداب»، مضيفاً أنّه لا يرى في نجاحات روايات ياسمينة خضرا في أوروبا وأميركا سوى «سحابة صيف عابرة» باعتبار أنّ «الكاتب الجيد ليس بالضرورة ذاك الذي يبيع أكثر».






من جهته، بدا صاحب «صفّارات بغداد» هادئاً في رده، وفي الدفاع عن نفسه. حاول إسكات بوجدرة، والرد على مختلف منتقديه بالتصريح: «أولاً لست ملزماً بالرد، كما أنّني لم ولن أفرض كتبي ورواياتي على القراء. ارقام المبيعات وحدها تجيب»، مضيفاً: «منتقدوي هم غالباً ممن لم يقرأوا لي. أنا أفضّل سماع شهادة غبريال غارسيا ماركيز، صاحب «نوبل للآداب» الدي قال أموراً جد مشجعة عني. شهادات أشخاص مثل ماركيز هي التي توجه عملي وتمنحني قوة لمواصلة الكتابة».
بعدما تغنى في السنوات الماضية، بشهادة الكاتب الجنوب افريقي جون ماكسويل كويتزي عن روايته «الاعتداء» (2005)، التي يعتبرها البعض رواية متحاملة على القضية الفلسطينية، وتملقاً واضحاً للأوساط الصهيونية المهيمنة على صناعة الكتاب في فرنسا، ها هو مولسهول يلجأ اليوم الى صاحب «مائة عام من العزلة» للرد على خصومه، من دون أن يوضح أين ومتى قال ماركيز الذي يعيش في عزلة تامة منذ سنين تصريحه المزعوم في امتداح روايات خضرا.
إلى جانب الجدل بينه وبين بوجدرة، واجه ياسمينة خضرا انتقادات أخرى من قبل العديد من أقرانه في الجزائر، بسبب الجملة الدعائية التي رافقت صدور فيلم الفرنسي ألكسندر أركادي المقتبس عن روايته «فضل الليل على النهار». خضرا بدا مزهواً بالشريط، وفاخر بروايته تلك، قائلاً: «أردت من خلالها الرد على رواية «الغريب» لألبير كامو، ورد الاعتبار إلى فئة الأهالي سنوات الاحتلال الفرنسي». لكن العديد من الكتاب والنقاد الجزائريين، وفي مقدمتهم الروائي الكبير الحبيب السايح، سلطوا الضوء على المطبات الكثيرة التي تضمنها هذا العمل، من حيث تملّقه الغريب لـ«الاقدام السود» (قدامى المستوطنين الفرنسيين في الجزائر)، من خلال الترويج بأنّ الليل الكولونيالي كانت له أفضال حضارية على «النهار» الذي تعيشه الجزائر المستقلة!