منذ الصفحة الأولى، تفشي لنا دانيا القاضي الكثير من روايتها «انفجار صيف»Summer Blast. تذيّل الكاتبة اللبنانيّة عنوان روايتها الصادرة بالإنكليزية عن Turning Point Books بجملة يمكنها أن تختصر محتواها: «عندما تتهددنا الحرب، النساء اللبنانيات يخططن». إنها قصة ثلاث نساء يحاولن المحافظة على «مشاريعهنّ»، وسط جنون حرب تموز 2006. أليسار في الثالثة والثلاثين تطمح إلى تحقيق حلم حياتها: حضور حفلة مادونا في باريس. أمّا مايا فتُعدّ لزفافها من زياد، فيما تنتظر ربى طلاقها من زوجها الكويتي ماجد. لكنّ العدوان الإسرائيلي على لبنان فاجأ الجميع. بطلات دانيا القاضي يقررن ألا يدعن شيئاً يقف في وجه تحقيق أحلامهنّ... هكذا، تنجح أليسار في مغادرة لبنان مع الرعايا الأميركيين، ثم تغادر ربى البلاد برّاً لتلجأ إلى دبي، بينما تبقى مايا في قريتها (المتخيّلة) «رنتور» في جبل لبنان، محاولةً قدر الإمكان المحافظة على موعد زفافها. بين نيويورك، وميامي، ودبي و«رنتور»، تحاول الكاتبة أن تحوك رواية بمستويات عدة. لكنها تقع في فخّ التسطيح. وإذا بالنصّ يفتقر إلى العمق، والشخصيات على اختلافها تبدو كلّها واحداً.لعلّ غياب خصوصيّة المكان، هي نقطة ضعف هذه الرواية الثانية للقاضي، بعد أولى بالفرنسيّة بعنوان «الطريق مرسوم على جبينها ـــــ يوميات امرأة متمرّدة» (٢٠٠٠). تركّز الكاتبة على وصف المظاهر الخارجيّة على حساب قضايا أخرى، تلامسها من دون طرحها بجديّة، كقضيّة الطلاق. حتى موضوع الحرب نفسه، نجدها تتناوله بخفّة، وتبالغ في إقصائها إلى الخلفيّة.
الكاتبة التي استقرّت في بريطانيا منذ ٢٠٠٨ حيث نشرت قبل أشهر قصّة «الزوجة الغنيمة» (Words to Music CreateSpace)، تحاول في «انفجار صيف» تلمّس ما يمكن أن تكونه اهتمامات نساء لبنانيّات من جيلها، وتختار الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي ديكوراً. لا تهمّها القضايا الكبرى بقدر انشغالها بالمصائر الصغيرة لشخصياتها: تترك أليسار عائلتها في «رنتور» أول أيام الحرب، كي لا تضيّع على نفسها حفلة مادونا. كل ما يقلقها في هذه الحرب هو تضرّر أحذيتها من ماركة «مانولو»! أمّا مايا فتختار أن ترتاح من «فوضى» الحرب عبر الجلوس بالبيكيني في حديقة الفيلا، بينما يبدي زياد قلقه من قيام طائرات الاستطلاع الإسرائيليّة بتصوير خطيبته!
تنتهي الرواية أيضاً بطريقة ملتبسة، مقلقة بعض الشيء، لأن السياق السردي لا يأخذ منها المسافة الكافية: في حفلة مادونا التي نجحت أليسار في ارتيادها أخيراً، نسمع المغنية الأميركيّة تدعو إلى السلام. بين الجمهور المحتشد مشاهدتان إسرائيليتان تومئان برأسيهما إلى البطلة، فلا يكون منها سوى ردّ التحيّة.

توقيع Summer Blast: الخامسة مساء غد ـــــ «فيرجين» (الوسط التجاري) ـــــ 01/999666