تعز | أمس، توّجت «نوبل للسلام» صحافية وناشطة يمنيّة هي توكل كرمان (راجع الصفحات 14 و15 و20)، معيدة تسليط الأضواء على أحد التحركات الشعبية الأساسيّة في الربيع العربي. وقد برزت الأعمال الفنية، وتحديداً رسوم الكاريكاتور السياسي، كإحدى أبرز أدوات الثورة السلمية في اليمن. كأنّ الريشة تخوض معركة من نوع آخر مع فوهات المدافع، ورصاص البنادق. وفي بلد كاليمن تبلغ فيه الأمية نسباً مرتفعة، يتحوّل الرسم إلى أداة في متناول الجميع.
لهذا يجاهد الفنانون لمساندة الثورة، والانتصار للشعب... الناس في اليمن لا يقرأون كلّ ما تنشره الصحافة، لكنّ الكاريكاتور أصبح محطة مهمّة لغالبيتهم. ومنذ الأيام الأولى للثورة الشبابية الشعبية في شباط (فبراير) الفائت، صار الكاريكاتور سلاحاً فتّاكاً. لم تتصدر رسوم الفنانين المسيرات اليومية فحسب، بل ساهم الزخم الفني في جذب بعض المترددين إلى صفوف الثورة.
يقول الفنان رشاد السامعي، الذي مثّلت لوحاته دوراً أساسياً في ساحة الحرية في مدينة تعز: «الكاريكاتور وسيلة إقناع قوية (...) الفنان الحقيقي كالشمعة التي تضيء الظلام، كالصرخة التي تخرج الجماعة من دائرة التيه». يرى رشاد أنّ الفنانين وجدوا أنفسهم أمام أمانة كبيرة تتمثّل في كشف الزيف ومقارعة الكذب المستمر لوسائل الإعلام الرسمية. برأيه، أسهم الكاريكاتور في إنضاج وعي اليمنيين، وإبراز أشكال تعبيرية مختلفة للسخرية بين الناس، منها تأليف الشعارات، والرسم على الأجساد، وتشكيل الحلاقة على الرأس بعبارات أو رموز... وهذه تندرج ضمن ممارسات الكاريكاتور ومدارسه.
في صنعاء، كانت ريشة الفنان كمال شرف السلاح الأكثر وخزاً للنظام. ساهمت في كشف المواقف المتناقضة للرئيس اليمني. قبل الثورة، كان يستحيل إظهار لوحة أو رسم يسخر منه. «فن الكاريكاتور أحد أهم أسلحة الثورة السلمية»، يقول شرف. «لقد واكب الفنانون الثورة منذ أيامها الأولى، وكانوا موجودين جنباً إلى جنب مع الثوار في الميدان». ويعرب شرف عن أسفه لأنّ «زملاء كثراً لا يدركون أنّ فنّهم ثوري وجريء، يحتاج إلى شجاعة وتضحية». الفنان الذي اعتقله نظام صالح في العام الفائت، يرى أنّ الكاريكاتور لم يكن يصل إلى الناس كما بلغهم في ميادين الحرية والتغيير. والسبب أنّ الصحافة اليمنية «لا تقدر دور الكاريكاتور»، ولا تمنحه المساحة المناسبة. لكنّ الوضع تغيّر في ساحات الثورة، إذ حظيت أعمال الفنانين بـ«بالتقدير والاهتمام».
بحسب شرف، أصبح الكاريكاتور «جزءاً من الناس»، وهذا ما يجعله متأكداً بأنّه سيقوم بدور مهم وكبير في المستقبل، «لأنّ هناك مواهب كثيرة قادمة تحمل معاني «اليمن الجديد» في أفكارها وخطوطها». ويضيف: «كما قدّم كثيرون أرواحهم من أجلنا، فإنّني أرى نفسي ملزماً بتقديم أعمال تعرّي النظام وتفضح ممارساته».