الرباط | «لقطات ساخنة»، شذرات من السيرة الذاتية للمخرج، والكثير من اللقطات داخل حانة تتخللها شتائم. قد يختزل بعضهم الشريط الروائي الأول للمخرج المغربي محمد أشاور بهذه المشاهد التي أثارت الجدل في المغرب بعد طرحه في الصالات هذا الشهر.
يحكي «الفيلم» (بطولة فاطيم العياشي، ومحمد أشاور وفهد بنشمسي) قصة مخرج يعيش أزمة إبداع، ويضع زوجته الممثلة وصديقه الممثل في مواقف تراجيكوميدية. يسرف في الشراب، ولا يتردد في إطلاق الشتائم والتشكيك في موهبته الفنية. يتطور الفيلم تدريجاً لنجد المخرج على حافة الانهيار. يفقد الزوجة التي كانت تؤدي أمامه مشاهد من أفلام لتشارلي شابلن، ومارلين مونرو والسينما المصرية في حقبة الخمسينيات.
خلف هذه القصة، نجد أزمة المبدع وهو ينتج عمله الفني. المخرج يفكر في قصة أصيلة خاصة به كما يردد. لكنه يتعثر في هذا البحث «الشائك»: هل يجدها في الواقع أم ينتصر كلياً للخيال؟ ينجز شريطاً عن الجنس لإثارة الجمهور؟ أم عن الدين وعلاقة العرب بإسرائيل ليحصد جوائز ليست في النهاية سوى غائط (كما يظهر في إحدى اللقطات؟) أم يتحدث عن السياسة والصراعات الدولية؟ يقف المخرج حائراً أمام هذه الخلطة من المواضيع التي تطغى على الساحة السينمائية المغربية.
هل القصة وسيلة احتيال من المخرج لعرض كلّ هذه المواضيع من دون أن ينعت أحد عمله بالفيلم الذي يركب موجة الإثارة؟ ينفي أشاور هذا الأمر لـ«الأخبار». يقول إنّ شريطه لم يرد «الاحتيال» على هذه المواضيع بل الالتفاف حولها. هي تأتي كشكل طبيعي داخل السيناريو لأنّ أي مخرج يعيش الأزمة، سيفكر في هذه المواضيع..
اشتغل «الفيلم» أساساً على قصة الحب التي تقع بين المخرج وزوجته وحياتهما الجنسية. جزء كبير من الشريط يتحدث عن العلاقة الجنسية بين الزوجين. المعادلة الصعبة في العمل أنّ البطلة فاطم العياشي هي رفيقة المخرج في الواقع، مما يجعل كل عناصر «إثارة» غضب المحافظين متوافرة... فهل «الفيلم» سيرة ذاتية؟ يجيب المخرج بالنفي مضيفاً «يحوي الكثير من سيرتي الذاتية، لكنّه يحوي أيضاً الكثير من عناصر التخييل». هذه المعادلة الصعبة في عرض جزء كبير مما هو ذاتي و«التعري» أمام المشاهد، بدأ يخلق جدلاً واسعاً، خصوصاً أنّ أفلاماً عدة في العقد الأخير راهنت على هذا الجدل لإثارة فضول الجمهور.
رغم قوته على استدعاء السرد بطريقة ذكية، والاشتغال الذكي على الصورة، عجز أشاور أحياناً عن تطوير الحبكة الدرامية. التقشف في الشخصيات وفي الديكور، منح الفيلم دفقة قوية. ولم يخرج من «الغرف الضيقة» إلا إلى رحابة مشاهد، أغلبها ليلية، صوِّرت في شوارع الدار البيضاء...