سألت الصغيرة أمّها عن معنى كلمة «خبرة»، فابتسمت الأم وقالت: «عندما تكبرين ستفهمين». تذكّرت ذلك السؤال البعيد في الطريق إلى «مركز بيروت للفنّ» لحضور معرض جماعي انتهى قبل أيّام بعنوان BEIRUT EXPERIENCE، ضم أعمال تسعة فنانين غير لبنانيين، إضافة إلى طوني شكر («الأخبار»، ٢٥/ ١٠/ ٢٠١١). إمعاناً في الحيطة، قلّبت صاحبتنا صفحات «المنجد» قبل الخروج. وجدت أن الخبرة مصطلح عام يختزل مفهوم المعرفة، أو المهارة، أو قدرة الملاحظة. يكتسب الإنسان الخبرة من خلال المشاركة في عمل معيّن، أو حدث معيّن، ويؤدّي تكرار العمل إلى تعميق هذه الخبرة.
هذا التحديد سيختصر علاقتها الصداميّة بالحدث الذي يتمثل بالتجربة، التي هي الطريق إلى الخبرة. والمعرض يوحي لزائره أنّه سيكون شاهداً على تجربة عاشها آخرون في بيروت، ولا بدّ من أن تتقاطع مع تجربته هو في المدينة. بنى الفنانون أعمالهم حول «تجربة» عاشوها في لبنان، لكن هل يستطيع إنسان أن يكوّن خبرة كافية في خمسة أيام، من خلال زيارة بعض الأماكن المعروفة؟ أليست كلمة «خبرة» كبيرة على هذا المعرض (الصورة ــ من فيديو لمارك لويس)، الذي لم يرِنا شيئاً جديداً… ولم يعكس الواقع المحلّي، الحقيقي، بل بقي أسير نظرة خارجيّة لا تذهب أبعد من صخرة الروشة؟
هل الخبرة البيروتية تقتصر على وضع مقاعد قديمة مبعثرة في حيّز سينوغرافي محدّد؟ هل الخبرة البيروتية هي استعمال بوسطة تذكّرنا بـ «بوسطة عين الرمّانة»، لكنّها بعيدة عن ذلك؟ هل الخبرة البيروتية تتوقف عند عملين فيديوغرافيين عن أماكن لا تمثّل بيروت؟ لم تجد صديقتنا مدينتها وحياتها في مرآة الفنانين الضيوف. عمل واحد للفنّانة لارا المرسغي، يستحق الوقوف أمامه، لاغترابه الاختياري عن الواقع. يتألّف العمل من ثلاث صور فوتوغرافية، لم تؤخذ في لبنان، بل في شوارع تشبه بيروت. ربّما كان هذا العمل يدفعنا إلى المقارنة، ومحاولة التعرّف إلى الأماكن في الصور. الخبرة هنا معكوسة، مشرّعة على الأفق الخارجي. كان يستحسن تسمية هذا المعرض «تجربة قصيرة (جدّاً) في بيروت».
* سينمائيّة وجامعيّة لبنانيّة