الزمان: 11/11/2011 الساعة الحادية عشرة والنصف قبل الظهر المكان: فيرجين ميغاستور
تنظر السيدة الخمسينية إلى الرقم المدوّن على الورقة التي حصلت عليها بعد انتظار. إنه 520. يجول بصرها في المكان المزدحم ثم يستقر على الساعة. تقول بصوت خافت، لكنه مسموع: نصف ساعة لنحصل على الرقم، فكم سننتظر لنصل إلى شباك التذاكر ونأخذ البطاقات.
تبتسم سيدة واقفة إلى جانبها وتعلّق: «الانتظار سيكون طويلاً». تتشجع أخرى وتشارك في الحديث: «أنا كنت هنا قبل أن يبدأ بيع البطاقات ورقمي 322، لا أعتقد أن دوري سيحلّ قبل الساعة الثالثة».

تبدو الخمسينية مرتبكة: «اليوم عيد ميلاد ابنتي، وكان ينبغي أن أصل إلى البيت باكراً لأحضر العشاء». تجيبها إحداهن بخبث: «عليك أن تختاري إما بطاقات حفلة فيروز أو عشاء ابنتك. نحنا هنا منذ الصباح». «كرمال فيروز مننطر معليش»، تعقِّب إحداهن بمرح. رقمها كان 85. هي من المحظوظين نسبياً. تتسع دائرة المشاركين في الحديث، ولا يؤدي الازدحام إلى أيٍّ من حوادث «المطاحشة والتدفيش». يتبادل الواقفون تعليقات من وحي المناسبة، الحدث ينسج نوعاً من العلاقات بينهم. والبعض تطوع لإرشاد الوافدين إلى كيفية الحصول على رقم. «أنا حضرتها في بيت الدين» تقول صبية. فترد أخرى: «هذه أوّل مرة، كان حلم حياتي أن أراها».
تقترب فتاة في العشرين وتغيّر الحديث قليلاً: «اليوم سأذهب لأرى الصالة حيث ستغني، أنا أسكن في المنطقة قريباً من ساحل علما». «أين تقع ساحل علما؟» يسألها أحد الشباب. تتبرع بشرح وافٍ عن كيفية الوصول إلى المسرح. تبتسم أخرى تبدو أكثر درايةً: «أنا من ساحل علما، هذا مشروع للشيخ جوان حبيش، وهو ليس قديماً، بل حديث. ستدشنه فيروز. القيّمون عليه يعدّون مجيئها إليه بركة. الناس هناك مذهولون. لا أحد يصدق أن فيروز ستغني في ساحل علما... أنا علمت من مصدر موثوق أن الصالة فريدة من نوعها في الشرق الأوسط».
توالت التعليقات إلى أن اخترقت الجموع سيدة وقالت: «عفواً، نحن لا نسمع الأرقام. من يتولى التنظيم هنا؟». يجيبها أحدهم: «الجمهور نظم نفسه، أصحاب الأرقام التي اقترب دورها يتقدمون إلى الأمام». تحتج السيدة مجدداً: «يجب أن نعرف أين وصلوا». يصحح الاحتجاج مسار الأمور، ويتولى أحدهم قراءة الأرقام بصوت مرتفع، فتنتظم الصفوف أكثر أمام شباكَي التذاكر، ويبتعد أصحاب الأرقام المتأخرة قليلاً. البعض يأخذ «بريك» على الدرج. آخرون يتجولون بين الأجنحة. فجأة يطل أحد السياسيين، يتجه إلى حيث «ستاند» المجلات. يبتسم للجمهور ويسأل: «شو في هون؟». يجيبه أحدهم: «بطاقات لحفلات فيروز». يقول السياسي: «آه... فيروز!» يهزّ رأسه، يتمشى قليلاً، يأخذ مجلة ويغادر... ويظل المنتظرون في انتظارهم الجميل، كأن المساحة التي تحتضنهم مدى يعزلهم عن أي شيء آخر في المكان والزمان. إنه مدى فيروز.