دمشق | على صفحته الخاصة على فايسبوك، كتب الفنان والممثل نضال سيجري العبارة التالية: «أعيدوا المواطن السوري محمد آل رشي الى بيته، قلتم بأنكم ستحققون معه لمدة ساعة واحدة فقط ويعود بعدها... مرّت الساعة ومرّت ساعات أخرى... نحن ننتظرك أخي وصديقي محمد». اعتقل إذاً محمد آل رشي مساء أول من أمس من منزله الكائن في منطقة ركن الدين وسط دمشق من دون أن توضح أجهزة الأمن أسباب هذا الاعتقال. أصدقاء مقربون من الممثل الشاب أكدوا لـ«الأخبار» أن الاستدعاء كان من «أجل توجيه بعض الأسئلة، والاستفسار عن بعض المواضيع». لكن تأخر آل رشي في العودة إلى منزله وأصدقائه، فتح باب التكهنات والتساؤلات حول مصيره. تساؤلات لا تزال حتى الساعة تنتظر إجابات واضحة.
طبعاً لا يبدو اعتقال الممثل الشاب مفاجئاً. لقد تحوّلت التوقيفات والاعتقالات التي تجريها أجهزة الأمن بحق الفنانين والمثقفين السوريين، إلى ما يشبه العادة. هكذا اعتقل هؤلاء من منازلهم أو أماكن عملهم أو حتى من الأماكن العامة بسبب مواقفهم المعارضة للنظام والمناصرة للثورة. أما الطريقة المتّبعة فهي واحدة تقريباً: يستدعى الفنان أو الصحافي على أساس استجوابه لمدة ساعة، ويستمر الاعتقال لفترات مختلفة، فيفرج عن البعض في غضون أيام، فيما يبقى مصير بعضهم الآخر مجهولاً، ويحاكم آخرون. وهذا ما حصل مع المخرج السوري نضال حسن الذي وجّهت إليه تهمة «الانضمام إلى تنظيم سريّ» وحُكم عليه أخيراً بالسجن لمدة ثلاث سنوات. أما هذا «التنظيم السري»، فليس سوى موقفه المعارض للنظام تماماً مثل محمد آل رشي! هذا الأخير شارك في تظاهرة المثقفين التي خرجت في شهر حزيران (يونيو) الماضي، بالقرب من جامع الحسن في حي الميدان (دمشق). لكنه نجا من الاعتقال الذي طاول عدداً من أصدقائه. كذللك ظهر أيضاً مرات عدة في بيوت عزاء الشهداء في منطقة القابون في العاصمة السورية، وهتف وسط جموع المعزين ضد النظام السوري مطالباً بإسقاطه.
وعند اتصالنا بعدد من أصدقاء آل رشي المقربين للحصول على آخر المعلومات، فضّل هؤلاء التريث قليلاً وعدم الحديث عن الموضوع: «ربما يصدق معتقلوه ويفرجون عنه هذه المرة. لا نريد إعطاءهم فرصة أو حجة لإبقائه معتقلاً، إذا أثرنا قضيته في الصحافة والإعلام» قالوا لنا. لكن الكاتب السوري عمرو سواح، وهو أحد أصدقاء الممثل السوري، كان له رأي مختلف. قال إن الضريبة التي يدفعها آل رشي وغيره معروفة مسبقاً، وهي ضريبة الرأي التي يدفعها المواطن السوري منذ أعوام طويلة. وأضاف أن المعارضين كان يعرفون منذ اللحظة الأولى للإعلان عن خياراتهم السياسية أنّ الاعتقال يشكّل جزءاً من المعادلة، «هذا الواقع جعل من عملية التفكير أو مجرّد التعبير عن الرأي في سوريا، فعلاً معارضاً. حتى أنّ تصوير أبسط الحقائق على صعوبتها، أصبح بطولة كبيرة. لذا، فإن مطلبنا يجب أن يكون إطلاق كل معتقلي الرأي أولاً. أما الدور الذي يلعبه المثقفون والفنانون فيأتي ليزيد من أهمية مطلب حرية الرأي والقول والتعبير».
ويذكر أنّ عدداً من المجموعات على موقع فايسبوك قد أنشئت للمطالبة بإطلاق سراح الممثل الشاب، أبرزها «الحرية للممثل والمخرج محمد آل رشي». فيما تناقلت مجموعة من الناشطين عبارة «أطلقوا سراح محمد آل رشي» على موقع تويتر.