رسالة واضحة يقول فيها عبد الفتاح السيسي إنه لن يسمح بخلق أي كيان منظم قادر على انتقاده. يتّبع الرئيس سياسة الرعب والترهيب المباشرة للأعضاء، وأي شخص يتعاطف معهم، في وقت باتت فيه جميع الأحزاب التي تحمل توجهات المعارضة في قبضة الدولة على نحو غير قانوني. وقد كان المدخل إلى ذلك إثارة خلافات داخلية بين قيادات تلك الأحزاب، وإطلاق حملات تشكيك في شرعيتها، باستثناء «الدستور» الذي نجا من هذا الأسلوب حتى الآن.
تسعى الأجهزة الأمنية إلى خلق الفتنة داخل الأحزاب وضرب سمعة قياداتها
أما «الكرامة»، فألقي القبض على أربعة من أعضائه الشباب، من بينهم طالب في الثانوية العامة، بعد خروجهم من مقرّ الحزب، عقب مشاركتهم في احتفالية أقيمت بمناسبة ذكرى «ثورة يناير»، فيما جاء القبض على المعارضَين يحيي حسين عبد الهادي والدكتور رائد سلامة من منزليها تحت بند اتهامهما بـ«الانتماء إلى جماعة محظورة، والسعي إلى قلب نظام الحكم».
ورغم أن السيسي يتحدث باستمرار عن «دولة القانون»، فإن هذا القانون يُنتهك يومياً على أيدي من يُفترض بهم أن ينفذوه، ليس بتقييد الحريات فقط، بل باستخدام عبارات فضفاضة لصياغة تُهم تزجّ بالمعارضين في السجون، من دون إحالتهم على القضاء، خاصة عندما تعجز الأجهزة الأمنية عن توفير أدلة إدانة لعدد كبير من المتهمين، وعلى رأسهم الذين لا يظهرون في قنوات تلفزيونية تبث من خارج مصر. وفي «دولة القانون» نفسها، يلقي جهاز «الأمن الوطني» القبض على المعارضين من منازلهم أو في الشارع، ويعمل على احتجازهم لأيام قبل أن يظهروا لاحقاً ويواجهوا قائمة جاهزة من الاتهامات المختلفة، بداية من «الإساءة إلى الرئيس وانتقاد النظام»، وصولاً إلى «الانتماء إلى جماعة محظورة تعمل على قلب نظام الحكم».
في هذه المعاملات، كما تفيد شهادات كثيرة، يواجه المعارضون أسوأ أنواع الإهانة، كما لا يستطيعون التواصل مع ذويهم أو محاميهم مطلقاً، بينما تبقى أماكن احتجاز غالبيتهم سرية. وإن صار يُسمح لمحامين بين حين وآخر بلقائهم، لكن النيابة تماطل في التحقيقات، وترفض الإفراج عنهم حتى إشعار آخر، مستغلة صلاحية قانونية باستمرار الحبس الاحتياطي على ذمة الاتهامات.