القاهرة | تنشر الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر، اليوم، الجدول الزمني لمسار الانتخابات الرئاسية، بداية من فتح باب الترشيح حتى موعد إعلان النتيجة النهائية. وكشفت مصادر لـ«الأخبار» أن الهيئة ستحدد موعد الانتخابات في كانون الأول المقبل لاختيار رئيس جديد للبلاد حتى 2030. ويتضمّن الجدول مواعيد إعلان القوائم المبدئية والنهائية للمرشحين وفترة الطعون وغيرها من التفاصيل الإجرائية، والتي ستتضمن رموز المرشحين وتحديد فترة الحملة الانتخابية والصمت الانتخابي، علماً أن عملية التصويت ستجرى للمصريين في الخارج أولاً على مدى ثلاثة أيام، على أن يعقبها تصويت المصريين في الداخل.وبعد ساعات على تحديد موعد الانتخابات، يزور الرئيس عبد الفتاح السيسي، غداً الثلاثاء، محافظة الإسماعيلية، لعقد لقاءات رسمية وشعبية تتضمّن تحركات موسعة من الصباح الباكر حتى المساء، قد يدشن فيها رسمياً حملته الانتخابية في مؤتمر كبير في استاد المدينة، بحضور شعبي. ووجّهت رئاسة الجمهورية دعوات إلى مختلف وسائل الإعلام من أجل مرافقة السيسي في الجولة التي تتضمّن مواقع متعدّدة يظهر فيها مع المواطنين في محاولة لإظهار التأييد الشعبي له، في خطوة تتسق مع الحملة التي بدأت قبل أيام لحث الرئيس على الترشح مجدداً. وكشفت مصادر، لـ«الأخبار»، أن جهات أمنية أصدرت تعليمات إلى مسؤولين عدة في أحزاب ونقابات عمالية، وحتى بعض النقابات المهنية، لإصدار بيانات تحث السيسي على الترشح في الانتخابات لولاية رئاسية جديدة من أجل «استكمال الإنجازات». واستجاب للطلب بالفعل عدد من النقابات والأحزاب المحسوبة على الدولة، ومعظمها أحزاب ليس لها وجود في الشارع، فيما تحرك اتحاد العمال للسبب نفسه خلال الأيام الماضية عبر النقابات الفرعية المختلفة.
وعلى رغم أن الهيئة الوطنية للانتخابات تحدثت عن ضرورة التزام الحياد الإعلامي بين المرشحين، إلا أنه جرى منع بث لقاء مع المرشح المحتمل للانتخابات، رئيس «الحزب المصري الديموقراطي»، فريد زهران، أجراه معه الإعلامي أسامة كمال، وهو اللقاء الذي كان يفترض عرضه على شاشة قناة «dmc» التي تمتلكها وتديرها المخابرات، في وقت مُنع فيه ذكر اسم أي مرشح محتمل لمنافسة السيسي في كل وسائل الإعلام التي تملكها الدولة، كما مُنع نشر أسمائهم في معظم الصحف المطبوعة. وبموجب القانون والدستور، فإن المرشحين الراغبين في خوض سباق الانتخابات سيكون عليهم الحصول على تأييد 20 نائباً في مجلس النواب أو تأييد 25 ألف مواطن من 15 محافظة بحد أدنى، بواقع ألف من كل محافظة، لتقديم أوراق ترشحهم، في حين انتهت وزارة العدل من إعداد نموذج التأييد الشعبي المقرر إتاحته في مكاتب «الشهر العقاري» مع دعوة المواطنين إلى الانتخاب.
تبقى مسألة الظهور الإعلامي هي النقطة الفاصلة في التعامل مع المرشحين المختلفين


ويواجه المرشحون المحتملون لخوض الانتخابات في مواجهة السيسي، العديد من العقبات؛ في مقدمتها عدم قدرتهم على تنظيم أي فعالية ميدانية حتى الآن بحضور المواطنين، في الوقت الذي يتحرك فيه السيسي بشكل أسبوعي بين المدن المصرية، مع تركيز الإعلام على تحرّكاته و«إنجازاته» وإبراز مطالب إعادة ترشحه. مع ذلك، أعلن المرشح المحتمل، أحمد طنطاوي، عن تفاصيل حملته الانتخابية، على رغم تعرض عدد من أنصاره للسجن من نيابة أمن الدولة العليا، في وقت تنتظر فيه الإعلامية والسياسية، جميلة إسماعيل، ترتيب بعض التفاصيل لتحديد الطريقة المناسبة التي ستخوض من خلالها السباق الانتخابي، سواء عن طريق التوكيلات الشعبية أو تأييد أعضاء مجلس النواب.
وبينما يبدو زهران الأقرب إلى جمع التواقيع من مجلس النواب، تبقى مسألة الظهور الإعلامي على القنوات التلفزيونية هي النقطة الفاصلة في التعامل مع المرشحين المختلفين، فلا الإعلام الخاص الذي تديره المخابرات قادر على استضافتهم، ولا الإعلام الرسمي سيسمح لهم بالظهور والحديث بحرية في القضايا التي يختلفون فيها مع الرئيس. مشكلات كبيرة إذاً تواجه تطبيق الديموقراطية الشكلية في العملية الانتخابية، لم يستطع النظام حتى اليوم صياغة آلية للتعامل معها. فبخلاف عمليات التخويف التي تلاحق مؤيدي بعض المعارضين الحقيقيين للنظام على غرار أحمد طنطاوي والتي تراجعت حدّتها تجنّباً للانتقادات الحقوقية، فإن عملية التضييق الإعلامي ونشر الأكاذيب وترويجها واعتبارها حقائق، وإبراز مشروعات تنفذها الدولة باعتبارها «إنجازات» للرئيس، هي الطريقة الوحيدة المتبعة اليوم حتى إشعار آخر.