من الغريب، فعلاً، أن يكون الصيّاد في لبنان من أفقر الفئات المجتمعية، بينما أسعار السمك فيه من الأعلى عالمياً.واقع مفروض منذ عقود، ولم يتغير بأي شكل، بل إن الأمر يزداد سوءاً كل عام.
هل يعقل ألا يستفيد الصياد اللبناني إلا من 20% من إمكانات الصيد المتاحة على طول الشاطىء؟
هل من المقبول أن تبقى الأسباب وراء ذلك منذ سنوات طويلة هي نفسها من دون أن يُحدث أي من الأطراف المعنية تغييراً لما هو قائم كمسلّمات؟

ليس المطلوب أن يرتقي البلد إلى مصاف الدول الصناعية حتى يزوَّد الصيادون مراكب صيد تخولهم الدخول الى أعماق أكثر، أو نوعية شباك قادرة على زيادة الإنتاج أضعافاً مضاعفة.
إسألو اليابان، ولو مجرد سؤال... فلبنان في هذا المجال أكثر تخلفاً من موريتانيا.

■ ■ ■



"رحلة العذاب" لسمكة مثلجة من أعماق فيتنام حتى سوق الكرنتينا أو أي من أسواق السمك اللبنانية الأخرى كفيلة برسم صورة مأسوية لمنتج لن يرغب أحد بتجربته إن عرف الحقائق.
إذا كان وائل أبو فاعور يخوض حرب مواصفات في لبنان، فمن يضمن شروط السلامة على طول آلاف الكيلومترات... يؤكد تاجر عتيق "لا أحد".
كم من مرة أذيب الثلج عن الأسماك وأعيد تجميدها؟ لا يمكن التكهن بذلك. من يضمن سلامة المرعى في البلد المنتج، لا أحد... وخاصة إذا كان الحديث عن بلدان كالهند وباكستان والسنغال.
تشير إحدى الدراسات إلى أن السمك يفقد 10% من فوائده الكثيرة في كل ساعة بعد خروجه من الماء، وتقول أخرى إن السمك المثلج لا يحتوي إلا على 30% من فوائده المفترضة.
في كلتا الحالتين، نحن أمام معضلة غذائية لا حل لها... والروائح المنبعثة من صناديق الفلين الأبيض كفيلة بتأكيد ذلك.

■ ■ ■



بقليل من الجهد يمكن تحسين قطاع الصيد البحري في لبنان.
أضعف الإيمان أن يتمكن الانتاج المحلي من تلبية 30% من حاجة الاستهلاك في السوق اللبنانية.
كل الدراسات التي وضعت تؤكد ذلك بالحد الأدنى، والمطلوب جزء يسير من تضافر جهود القطاعين العام والخاص... وإلا فالصيد مهنة في طريق الانقراض...وسوق السمك سيفتح أبوابه قريبا من دون تغيير جوهري.