اللافت أنه وخلافاً لحالات مشابهة حيث تحاول الشركات كسب الوقت قبل مواجهة الإعلام وتعلن عن التريث قبل كشف أي تفاصيل لحين تبلور معطيات إضافية لديها، فإن البيان الذي أصدرته شركة «نيسان» البارحة أظهر تنصلاً سريعاً من الشركة تجاه رئيس مجلس إدارتها، لا بل بيّن وكأن التحقيقات التي أجراها الادعاء العام مع غصن وصولاً إلى اعتقاله لم يكن لها وقع الصاعقة على الشركة، التي وكما قالت كانت «تجري تحقيقات داخلية حول سوء سلوك من قبل غصن والمدير التنفيذي غريغ كيلي». ووفقاً للبيان فإن التحقيقات الداخلية بيّنت أن «غصن وكيلي كانا وعلى مدى سنوات يقدمان بيانات عن حجم المكافآت التي يتلقاها غصن والتي تقل عن المبلغ الفعلي». كما كشفت الشركة أنها اكتشفت عدة «أعمال سوء مرتبطة بغصن مثل استخدام أملاك الشركة لغايات شخصية»، خاتمةً بيانها بإعلانها تعاونها المطلق مع مكتب الادعاء العام وعن نيتها الاقتراح على مجلس الإدارة «إقالته من منصبه حالاً».
وعلى رغم أن الشركة لم تذكر في بيانها حجم المبلغ الذي أخفاه غصن، إلا أنه وبحسب ما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية BBC فإن قيمة المبلغ تقدر بحوالى 44 مليون دولار متراكمة منذ عام 2011.
ومن المتوقع أن تكون الانعكاسات على الأسواق العالميّة وبخاصة في قطاع السيارات كبيرة جداً، خصوصاً أن غصن يرأس تحالف شركات «نيسان» و«رينو» و«ميتسوبيتشي»، الذي يوظف أكثر من 470 ألف عامل، والذي نجح في بيع 10.6 مليون سيارة عالمياً العام الفائت. كما أن «نيسان« حلّت مؤخراً وبحسب أحدث تقرير صادر عن شركة «إنتربراند» المتخصصة في تقييم العلامات التجارية العالمية، في المرتبة 40 عالمياً و السابعة على صعيد السيارات من حيث قيمة علامتها التجارية والتي تقدر بـ12.2 مليار دولار، بارتفاع بنسبة 6% عن العام الماضي.
ولم تتأخر الارتدادات السلبيّة لتظهر مع تسجيل أسهم شركة «رينو» الفرنسية هبوطاً حاداً فور شيوع الخبر وصل لحدود 15%، فيما أغلق التداول على أسهم «نيسان» في بورصة طوكيو بانتظار حجم التراجع الذي سيطاول أسهم الشركة غداً.
أشارت تقارير إلى أن حجم المبلغ الذي أخفاه غصن يُقدّر بحوالى 44 مليون دولار


وعلى رغم الضرر الفادح الذي سيطاول غصن على المستوى الشخصي جراء هذه القضية، كما والشركات التي يديرها، مما لا شك فيه أنها ستخلف ندوباً نفسية عند اللبنانيين، الذي يعد غصن أحد أبرز الأمثلة التي يفخرون بها ويستشهدون بها للإضاءة على نجاحات الاغتراب اللبناني وإنجازاته. والمؤسف أنه ومع تعذر تشكيل الحكومة في لبنان، فإن مصير غصن قد يكون السجن، وهو الذي يتردد اسمه من قبل فئات واسعة من المواطنين لتوزيره عند كل تشكيلة حكومية جديدة.
وكان غصن حين توليه منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «رينو» عام 2005، مع احتفاظه بمنصبه على رأس شركة «نيسان» أول شخصية تتولى رئاسة شركتين بهذا الحجم في الوقت عينه في العالم. وهو قد نجح في إنقاذ شركة «نيسان» من الإفلاس عام 2000، وحولها للربحية خلال عام واحد، فأنهى 20 مليار دولار من الديون خلال 3 سنوات. اليوم يصنف غصن واحداً من أبرز 50 رجلاً في عالم السياسة والأعمال. ويبقى السؤال هل ينجح الرجل الذي أنقذ «نيسان» من الإفلاس بمهمة عدّت يومها بالمستحيلة من إنقاذ نفسه هذه المرة؟



السابقون هذا العام
بعض الرؤساء التنفيذيين حول العالم، خصوصاً أولئك الذين يديرون كبريات الشركات العالمية أقوى نفوذاً من أغلب رؤساء العالم، وأغلب ميزانيات الشركات العابرة للقارات تتخطى بأضعاف ميزانية الكثير من دول العالم. إنهم من يديرون الاقتصاد العالمي، ومن لا يرفض لهم طلب حتى من قبل رؤساء الولايات المتحدة... ومع هذا ليس باستطاعتهم الفرار من القانون بشكل دائم...
روبرت ستادلر، الرئيس التنفيذي لـ شركة «أودي» الألمانية للسيارات
سجن في شهر حزيران المنصرم على خلفية فضيحة التلاعب في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الصادر من محركات الديزل المستخدمة في سيارات أودي الإنتاجية.
لي جاي يونغ، نائب رئيس مجلس إدارة سامسونغ والرئيس الفعلي للشركة
أفرج عنه في شهر شباط المنصرم بعد أن قضى أشهراً في السجن وتخفيف الحكم الصادر بحقه والقاضي بسجنه لمدة 5 سنوات بعد إدانته بالرشوة والاختلاس وشهادة الزور، على أثر محاكمة أدت أيضاً إلى عزل رئيس البلاد حينها بارك غن هاي.
ألدمير باندين، الرئيس التنفيذي لشركة «بيتروبراس» البرازيلية للنفط
حكم عليه في شهر آذار المنصرم بالسجن لمدة 11 عاماً بعد إدانته بالفساد وتبييض الأموال
دافيد دروم، الرئيس التنفيذي السابق لمصرف Anglo Irish Bank
حكم عليه بالسجن لمدة 6 سنوات في شهر حزيران المنصرم لدوره في الأزمة المالية التي عصفت بإيرلندا عام 2008
فينسان بولور، الرئيس التنفيذي لمجموعة بولور الفرنسية المشغل الأكبر للنقل والخدمات اللوجستية في أفريقيا
ألقي القبض عليه وسجن في شهر نيسان المنصرم بعد اتهامه بالتأثير في نتائج الانتخابات في عدد من دول غرب أفريقيا مقابل حصوله على عقود مربحة لشركته

* [email protected]