ثائر غندوروتتميّز الكورة بوجود فاعل لحزبين علمانيين، هما القومي والشيوعي، وهو وجود يؤثّر في المزاج السياسي العام. وينعكس أيضاً على القوى السياسيّة الأخرى، فمسؤول تيّار المردة وعضو مكتبه السياسي الدكتور وسام عيسى، يقول إنه ذو ميول يساريّة، «فقد تمركست في فرنسا». وتتقاسم هذه القوى الأربع الشارع الأرثوذكسي في القضاء، مع تقدّم لافت للقومي. وقد أثبت القومي وجوده في انتخابات عام 2005 عندما نال مرشّحه المنفرد حنا العيناتي أكثر من 5200 صوت في القضاء.
تميّزت هذه المنطقة بغياب الأحزاب المسيحيّة التقليديّة عنها منذ عام 1978، إلى أن عادت وظهرت بقوّة مع خروج «حكيم» القوات اللبنانيّة سمير جعجع من السجن، في عام 2005. إذ نشطت ماكينة القوات في الأوساط المارونيّة بفاعلية، مستفيدةً من وجودها في السلطة وقدرتها على توفير الخدمات لأبناء المنطقة، إضافة إلى عدم وجود تنظيم حزبي عند أي من حليفيها، فريد مكاري ونقولا غصن. فعملت القوات على تأطير هؤلاء، وخصوصاً الشباب منهم، وهي مثّلت لمناصري النائبين مساحةً للتعبير عن أنفسهم، وتحديداً في وجه منافسيهم.
لكن يُعاب على القوات اللبنانيّة أنها لم تخرج، حتى الساعة، من عقليّة الحرب الأهليّة من جهة، ومن رؤيتها للكورة أنها حديقة خلفيّة لبشري، أو ممرّ لها. «من هنا، تعاطت معها بطريقة أمنية»، يقول منافسو القوات. ويدلّون على ذلك بحجم المشاكل التي كانت القوات طرفاً فيها. ويتذكرون أن نائبها فريد حبيب هو المسؤول العسكري والأمني للقوات في فترة الحرب في هذه المنطقة. ويظهر بوضوح تأثير القوات على الصعيد الشبابي في المناطق والقرى ذات الأغلبيّة المارونيّة. ويتفق الكثير من الناشطين في الكورة على أن نشاط القوات لا يُقابله نشاط جدي للتيّار الوطني الحرّ، أو غيره من الأحزاب، في هذه القرى، بل إن جزءاً كبيراً ممن يُناصر أحزاب الأقليّة النيابيّة، ينطلق من موقف عدائي للقوات اللبنانيّة.
ويعمل تيّار المردة على تعزيز وجوده في القضاء، وهو بدأ العمل فيه بطريقة منظّمة قبل سنة ونيف. ويعترف ناشطو المردة، بأن جمهور سليمان فرنجيّة أكبر من جمهور تيّار المردة، وهي حالة تنطبق على التيّار الوطني الحرّ بوضوح. لهذا السبب يصعب إعطاء رقم دقيق للقدرة التجييريّة لهذين التيّارين، بحسب ناشط في ماكينة الأقليّة. أمّا تيّار المستقبل، فهو موجود من خلال شبكة الخدمات التي يوفرها فريد مكاري، وهي خدمات تتنوّع بين المساعدات الطبيّة والمنح المدرسيّة، وصولاً إلى حديث عن رشى مباشرة قبل الانتخابات. وهو كلامٌ أكّده عدد من الأهالي التي التقت بهم «الأخبار». لكن هؤلاء أشاروا في الوقت عينه، إلى بدء ماكينات الأقليّة النيابيّة العمل بهذه الروح أيضاً. ويُحافظ النائب نقولا غصن على حيثيّة شعبية عائليّة تصل إلى نحو ألف ناخب. ويرى مسؤولون في فريق مكاري أنّ الكلام عن شراء الأصوات في الكورة إهانة للكورة وأهلها، لأن «لا أحد يجرؤ على أن يعرض عليهم شراء أصواتهم. هم لا يختارون إلا من يقتنعون به ومن يمثل قيمهم. وفي كل حال، من يتهمنا بأننا نوزع الرشى، لا شك في أنه هو نفسه تعوّد أن يُرشى».
يبدو على ماكينات المعارضة الارتياح. يُكرّر الناشطون فيها كلاماً واحداً: نحن نفوز في المعركة. ويُضيف هؤلاء قولهم إن كلّ ما يُقال عن خرق نائب رئيس المجلس فريد مكاري للائحة، هو كلام يهدف إلى خلق الشقاق بين أعضائها.
وإذا كان كلام هؤلاء صحيحاً، فإن هذا يعني أن الماكينة الانتخابيّة لمكاري، ناجحة في عملها، لأن المزاج العام في الكورة، يقول بنجاح اثنين: فريد مكاري وسليم سعادة، ويبقى التنافس على المقعد الثالث بين الأربعة الباقين في اللائحتين.
في المقابل، يقول ناشطون في ماكينة مكاري: «نحن نعمل لكي تفوز اللائحة كاملة، ولنا ملء الثقة بأن الكورانيين سيختارون هذه اللائحة كاملة»، ويشيرون إلى أن فوزهم يتوقف على حجم مشاركة الكورانيين. يُضيف أحد المسؤولين في الماكينة: «بعض الإحصاءات التي تنشرها وسائل الإعلام يجب ألا تجعل الناخبين يتكاسلون بفعل اطمئنانهم. نحن ندعو الناخبين الكورانيين ومناصري 14 آذار في الكورة إلى أن يقترعوا بكثافة، وأن يصوّتوا للائحة كاملة».