ثائر غندوريقول هؤلاء الشباب إن الجماعة لم تعتبر في يوم من الأيّام النيابة هدفها، بل هي ترى في المعركة الانتخابيّة وسيلة للوصول إلى الناس وطرح برنامجها. ويُردّد هؤلاء أن الجماعة حصلت في عزّ وجود الوصاية السوريّة على ثلاثة مقاعد، فيما يطرح الحريري عليها مقعداً نيابياً، «بينما تحصل شخصيّات محليّة على مقعدين وثلاثة (في إشارة إلى الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي)، ونحن منتشرون من الجنوب إلى الشمال مروراً بالبقاع وبيروت».
بدوره، يقول رئيس المكتب السياسي في الجماعة الإسلاميّة علي الشيخ عمّار إن الحريري أبلغهم في اللقاء الأخير أنه بحاجةٍ إليهم في جميع الدوائر المشتركة، مضيفاً أنه يُعاني ارتباكاتٍ في هذه الدوائر. وقال الحريري لوفد الجماعة إن عليها أن تقبل بالحدّ الأدنى كي يحصل الاتفاق، ولفت عمّار إلى أن الجماعة حاولت تسهيل الأمر عليه إلى أقصى الحدود.
ويلفت عمّار إلى أن ترشّحه في صيدا ليس مزحة، بل هو ترشّح جدّي يهدف إلى الفوز في المعركة الانتخابيّة. لذا، فإن الجماعة لا تجد نفسها مضطرةً إلى الإجابة عن سؤال كيف ستخوض المعركة في صيدا، إذ يُمكن أن يبقى ترشّحها منفرداً أو بالتعاون وتبادل الأصوات مع الآخرين، أو حتى بالتحالف معهم.
وقال مصدر في الجماعة إن وفدها الذي اجتمع إلى الحريري لاحظ أن «الأمور بقيت على حالها نتيجة تمسّكه بعرضه القديم، وهو أنه لا يستطيع إعطاءنا أكثر من مقعد واحد في بيروت الثالثة، إضافة إلى حقيبة وزارية في أول حكومة قد يؤلّفها، رافضاً استمرار مرشحينا منفردين في باقي الدوائر، إضافة إلى عرضه علينا المساعدة في إعادة النائب السابق خالد ضاهر إلى حضن الجماعة، لكنّ ردّنا كان أن هذا الطرح لا يناسبنا».
وأوضح المصدر أن الحريري كان في البداية يقول: «إننا لن نؤثّر عليه إذا لم يتحالف معنا، ولكنه اعترف أول من أمس وقال أنتم ستؤثّرون عليّ سلباً، وتحديداً في دوائر صيدا والبقاع الغربي ـــــ راشيا والمنية ـــــ الضنية. ورفض عرضنا، فاتخذنا في نهاية المطاف القرار الذي يلائم توجهاتنا ويرضي قواعدنا»، معتبراً أن «ترشّحنا منفردين أو بالتحالف مع آخرين لاحقاً سيدرس بتمعّن، وستؤخذ في الاعتبار خصوصية كل منطقة على حدة».
وأصدرت الجماعة أمس بياناً يقول إنها وجدت نفسها، بعد انسداد أفق المباحثات مع تيار المستقبل، «أمام فتح باب الخيارات الانتخابيّة الأخرى التي تراعي مصلحة قواعدها وثوابتها السياسيّة، التي ليس من ضمنها الانسحاب من الاستحقاق الانتخابي، كما حدث في عام 2005». وهو ما يعوّل عليه كوادر الجماعة في سبيل شدّ العصب الداخلي، بعد تراخيه نتيجة التسليم للمستقبل في عدد من الاستحقاقات الانتخابية، الطالبيّة والنيابيّة، «وكي تكون الانتخابات محطة لنعرف حجمنا على الأرض»، يقول أحد الكوادر.
وقد تأجّل البيان، من ليل أول من أمس إلى يوم أمس، ثم خرج بلهجة أقلّ حدّة مما كان يُتوقّع، ما فتح الباب أمام الكلام على وجود وساطات بين الطرفين، وقد طرح أحدهم اسم مفتي الجمهوريّة محمد رشيد قبّاني. لكنّ مصادر عدّة كرّرت الكلام ذاته: المفتي لا يقوم بهذا الدور، ولو رجع الأمر إليه لمنع الحريري من لقاء الجماعة.
وخلال الحديث مع كوادر الجماعة، يُمكن تلمّس حالةً اعتراضيّة على مماطلة الحريري وتسويفه أمام وفود الجماعة أو عبر الطلب إليهم القبول بمقعد بيروت بديلاً من صيدا وطرابلس، «رغم أن هناك اتفاقاً سابقاً معه على موضوع صيدا، ألغاه ترشيح (الرئيس فؤاد) السنيورة». ويضحك هؤلاء عندما يتحدّثون عن عرضه مقعداً وزارياً. ومن هذه المنطلقات بدأ شباب الجماعة رفع لافتات في شوارع طرابلس مكتوب فيها: «إنا لله وإنا إليه راجعون»، موقّعة باسم الجماعة.