رجل الاستخبارات الذي اعتقل إثر أحداث نهر البارد توقّفت ملاحقة أقربائه وأُدخِل برنامج حماية الشهود
هل نحن أمام زهير صدّيق آخر؟
بحسب معلومات مصادر قريبة من لجنة التحقيق الدولية، فإنّ رئيسها السابق سيرج براميرتس مُنع بقرار من الأمين العام للأمم المتحدة من الإدلاء بمعلومات صحافيّة تتطرّق إلى المناخ الذي عمل فيه، وخصوصاً «عمليّات التضليل التي تقوم بها جهات محترفة سياسية وأمنية وإعلامية لبنانية»، وتحظى بدعم «تقني ومعلوماتي وأمني من جهات أمنية عربية وغربية». وتشير هذه الأوساط الى أن في الفريق الأمني لـ14 آذار مَن لم يتوقّف عن رسم سيناريوهات تتصل بالوضع الخاص بالتحقيقات في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وبعدما أسقطت لجنة التحقيق الدولية وحتى القضاء اللبناني معظم ما أدلى به الشهود الذين تعاقبوا على الإدلاء بمعلومات مثيرة منذ بدء التحقيق، وأبرزهم الصدّيق وهسام هسام، جرى العمل على آخرين، وخصوصاً من تبيّن أن له صلة بتنظيم القاعدة أو مجموعات متفرّعة منها. وكانت الحكمة لدى الفريق الأمني المشرف على هذه الخطة تقول: «إن المعلومات عن الانتحاري والسيارة المفخخة والاتصالات تشير الى تورط مجموعة أصولية في تنفيذ الجريمة، وليس هناك من سبيل سوى العمل على ربط هذه المجموعة بالجهاز الأمني اللبناني والسوري». ووصل الأمر إلى حد قول المراجع في فريق 14 آذار: «قد يكون هناك تورط لمجموعات على صلة بالقاعدة، لكننا نملك المعطيات والتحليلات التي تؤكد لنا أن هذه المجموعة قامت بالعمل خدمةً للسوريين مقابل تسهيل دمشق تنقل هذه المجموعات بين سوريا ولبنان ودول عربية وبين العراق».
ومع أن لجنة التحقيق كانت قد استمعت من جديد الى أعضاء شبكة الـ13 الأصولية الذين لا يزالون قيد الاحتجاز في سجن رومية (ولكن على ذمة ملفات لا تتصل بجريمة اغتيال الحريري)، فإنّ البارز على السطح في الفترة الأخيرة العودة الى الموقوف أحمد مرعي الذي كان فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي قد اعتقله في الأشرفية، إثر أحداث نهر البارد، بعدما جرى توقيف إخوة وأقرباء له على خلفية تولّيه التنسيق بين «فتح ـــــ الإسلام» والاستخبارات السورية أو تنظيم «القاعدة».
وبحسب المصادر، فإن مرعي أخضع أخيراً لتحقيقات تتناول جريمة اغتيال الحريري. والجديد ـــــ بحسب المصادر المطلعة ـــــ هو «أنّ مرعي ربما دخل الآن مرحلة الاستعداد للقيام بدور مركزي في إطار التحقيقات في جريمة الحريري».
وبحسب ما علمته هذه الجهات، فإن مرعي «صار منذ فترة يتلقى معاملة خاصة وجيدة من حراسه، كما أوقفت التعقبات بحق عدد من أقربائه ومن لهم صلات قوية به، في ما خص العلاقة مع «فتح الإسلام». كذلك أخرج أخيراً من مكان توقيفه ليمضي عدة أيام في ضيافة جهة أمنية بعدما استعاد علاقته مع شخصيات بارزة في هذه الجهة، كما تحدث أمام أفراد من عائلته عن أنه سيكون «ضمن لائحة الشهود التي تخضع لبرنامج حماية دولي وأنه يستعد للذهاب الى لاهاي حيث سيلقى هناك معاملة حسنة ومميزة».
وبحسب هذه المصادر فإن النقاش يدور الآن حول «إمكان أن ينسج مرعي، بالتعاون مع جهات في 14 آذار، حكاية عن تورّط الضباط الأربعة الموجودين الآن في سجن رومية وضباط كبار من الاستخبارات السورية في جريمة اغتيال الحريري».

رجل كلّ الاستخبارات

وفي أرشيف المعلومات عن مرعي ما نُسب إليه في التحقيقات لدى فرع المعلومات أو القضاء العسكري أو لدى المحقق العدلي في أحداث نهر البارد القاضي غسان عويدات. وتفيد هذه المعلومات أن أحمد مرعي ادّعى أنه أوقِف في الأشرفية بعدما اتصل باللواء أشرف ريفي لإبلاغه أن لديه معلومات عن «فتح الإسلام» يريد الإدلاء بها. وقال مرعي إنه بدأ العمل مع الاستخبارات الدنماركية بعدما وجد على شبكة الانترنت إعلاناً عن جائزة ستقدمها السلطات الدنماركية لمن يقدّم معلومات عن مهاجمي سفارتها في لبنان. ثم زار الدنمارك أكثر من مرة، وكان يتقاضى من الدنماركيين مبلغ عشرة آلاف دولار أميركي شهرياً.
ويفيد أرشيف مرعي الأمني أنه تحدث عن وجوده في إحدى دول أوروبا الشرقية عندما تعرّضت السفارة الدنماركية في الأشرفية لهجوم نظّمه إسلاميون قريبون من دار الفتوى وتيار «المستقبل»، وجنّدته الاستخبارات الدنماركية التي أرادت منه تحديد الجهات الإسلامية التي كانت تقف خلف الاعتداء على مقر دبلوماسيتها في لبنان، وكذلك جمع معلومات عن إمكان تعرّض مصالحها أو بعثاتها الدبلوماسية لاعتداءات مستقبلاً على خلفية الرسوم التي عُدّت مسيئة للنبي محمد، والتي نشرت في صحف دنماركية.
وادّعى مرعي أن علاقته بالاستخبارات السورية تعود إلى ما قبل الانسحاب السوري من لبنان، وأن أبرز الضباط الذين تعامل معهم هو عميد من آل الحسن، مضيفاً إنه كان على علاقة بضابط من الاستخبارات الأميركية كلفه جمع معلومات عن القاعدة. وذكر مرعي أن علاقته بالأجهزة الأجنبية وبالتنظيمات الأصولية كانت بعلم الاستخبارات اللبنانية. كما قال إنه ذهب إلى إيران حيث حصل من ضابط في الاستخبارات الإيرانية على USB تحتوي على معلومات تشرح كيفية تحضير عبوات ناسفة تحوي بودرة الألمنيوم. وقال إن الاستخبارات السورية كلفته نقل كمية من بودرة الألمنيوم من العراق إلى لبنان. واتّهم مرعي قياديين في «فتح الإسلام» بالوقوف خلف جريمة عين علق واغتيال الوزير بيار الجميل.
ويذكر أرشيف مرعي أنّه تولى نقل بعض الأموال من «القاعدة» إلى «فتح الإسلام»، وإدخال عناصر بطرق غير شرعية إلى لبنان. وفي تلك الفترة، دخل على «خطّ» مرعي جهازان أمنيّان جديدان، لكنّهما هذه المرة لبنانيّان، وذلك بقصد تحصيل معلومات عن «القاعدة».