هل بدأ الصراع بين الموالاة والمعارضة على مصير الأجهزة الأمنيّة قبل تأليف حكومة الوحدة الوطنية؟ بحسب مصدر رفيع المستوى في الموالاة، فإنّ تصعيد الأيّام الأخيرة هو جزء من خطة تهدف الى الاتفاق السياسي سلفاً على وضع الأجهزة في المرحلة المقبلة، بما في ذلك تعيين قادة جدد لها. ووضع المصدر الرفيع المستوى حوادث سعدنايل ليل أمس في سياق ممارسة ضغوط على قوى 14 آذار وتيار المستقبل بغية مباشرة الخوض في هذا الملف. وكشف أن فتح ملف الأجهزة الأمنية يتناول المديرية العامة للأمن العام ومديرية الاستخبارات في الجيش والمديرية العامة لأمن الدولة وفرع المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، على أن يتوّج هذا الاتفاق بتعيين قائد جديد للجيش بعد تأليف حكومة الوحدة الوطنية.
وفيما رأت أوساط معارضة أن الملف الوحيد المفتوح الآن هو التفاهم على الحصص المتوازنة في الحقائب، كما في مقاعد الحكومة الجديدة، لم تتردد في توجيه إشارة الى ضرورة إعادة النظر في بعض الأجهزة الأمنية، وأبرزها فرع المعلومات إذ تعدّه المعارضة أداة في يد تيار المستقبل، الأمر الذي يوجب إعادة هذا الفرع الى صلاحياته الاساسية فيقتصر على كونه فرعاً لا شعبة، وتناط به حصراً مسؤولية امن قوى الامن الداخلي، وهي المهمات التي كلف بها أساساً قبل سعي تيار المستقبل الى جعله جهازاً موازياً لمديرية الاستخبارات. وتقول أوساط المعارضة إن الخوض في هذا الملف يكون في المرحلة التالية لتأليف الحكومة وخصوصاً أن اتفاق الدوحة اعترف بواقع توازن القوى الجديد في لبنان، الذي تقتضي ترجمته فعلياً لا في السلطة التنفيذية فحسب، بل كذلك في المؤسسات الاخرى وأخصها الامنية.
وإذ نفت اوساط المعارضة اي صلة لحوادث سعدنايل بالمأزق الحكومي، لاحظت ان الاولويات التي تعتزم المعارضة الخوض فيها في المرحلة المقبلة هي تصويب التوازن السياسي، لكن تبعاً لبرنامج اولويات من بينها مصير الاجهزة الامنية والتوافق على تعيين قائد جديد للجيش يحافظ على علاقة المؤسسة العسكرية بخيارات المعارضة ولا سيما منها ما يتصل بسلاح المقاومة وتصويب العلاقات اللبنانية ـــــ السورية.
ومن البقاع، أفاد مراسل «الأخبار» عفيف دياب أنّه حتى ساعة متأخرة من ليل امس لم تنجح كل تعزيزات الجيش اللبناني واتصالاته الامنية والسياسية في وقف الاشتباكات العنيفة التي اندلعت منذ ساعات المساء الاولى بين انصار الموالاة والمعارضة على محور سعدنايل وتعلبايا في البقاع الاوسط والتي أدت الى سقوط 3 جرحى في إحصاء أولي. فالاشتباكات التي استخدمت فيها القذائف الصاروخية والاسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة، عنفت بعد منتصف الليل مترافقة مع حشود لمقاتلين من الطرفين انتشروا في سعدنايل وتعلبايا وعلى تخوم الطريق الدولية من شتورة وحتى مشارف زحلة رغم الانتشار العسكري الكبير للجيش اللبناني الذي عزز وجوده في مختلف المناطق القريبة من محاور الاشتباكات.
وكانت سعدنايل وتعلبايا قد شهدتا توترات أمنية وإطلاق رصاص مساء امس، بين اشخاص محسوبين على الموالاة والمعارضة سرعان ما حسمته الاتصالات السياسية المحلية الى أن انفجرت الاشتباكات العنيفة بعد العاشرة ليلاً. وقالت مصادر أمنية متابعة لـ«الأخبار» إن إشكالاً فردياً حصل في بلدة سعدنايل بين شخصين على خلفية خلاف شخصي «ولكن الأمر سرعان ما تطور مع إعطاء الخلاف طابعاً سياسياً ومذهبياً تطور الى إطلاق رصاص بين تعلبايا وسعدنايل». وأضاف أن الجيش اللبناني أجرى اتصالات مع قيادات من الموالاة والمعارضة «أفضت الى وقف إطلاق النار».
لكن وقف إطلاق النار لم يدم سوى نحو ساعة حيث خُرق بعد إقدام عناصر من المستقبل على إطلاق الرصاص من الحي الجنوبي لسعدنايل على تعلبايا، وفق رواية قيادي في المعارضة، اعتبر الأمر «مدبراً، وفتنة يسعى البعض لها في البقاع الاوسط». هذه الراوية ردها تيار المستقبل الى أصحابها. وقال أحد قيادييه في البقاع الاوسط إن عناصر من حركة امل اقدمت مساء امس على اطلاق الرصاص على احد عناصر التيار في سعدنايل «فاضطر شبابنا الى الدفاع عن النفس» متهماً «قوى متضررة» لم يسمّها بالدخول على الخط واطلاق الرصاص على سعدنايل وتعلبايا «لإحداث فتنة مذهبية».