عقدة المرّ تسيطر على الاتّصالات ومعارضون يلوّحون بتصعيد مطلع الأسبوع المقبل إذا تأخّر التأليف

يبدو أنّ التأخير الحاصل في تأليف الحكومة سوف يدفع البلاد إلى تصعيد سياسي كبير. وهذا ما بات حصيلة أكيدة في جعبة غالبية الأطراف، بعدما أبلغ الرئيس نبيه بري الرئيس فؤاد السنيورة رفضه مقترحاته الأخيرة التي تندرج في باب «التشاطر الذي لا طائل منه، وأن مفتاح الحل هو إيجاد علاج لمسألة الحقيبة السيادية التي يطالب العماد ميشال عون بها، وهي حق له». وقد بات واضحاً للجميع أنّ «العقدة الفعلية هي تسليم إلياس المر حقيبة الدفاع».
ومع أن اتصالات اليومين الماضيين كشفت تراجعاً من قبل فريق الأكثرية عن التصلّب في مسألة الحقائب التي تولاها فريق «المستقبل» بصورة دائمة، إلا أن موضوع المر بقي نقطة رئيسية في البحث حتى طالب كثيرون الرئيس ميشال سليمان بحسم الأمر، ولا سيما أن تمسكه بالمر سوف يتحول إلى عقدة تعطل انطلاقة عهده. وظهر اقتراح من جانب المعارضة بأنه إذا دعمت الأكثرية بقاء المر في منصبه، فلتحسبه من حصّتها وتترك حقيبتي المال والداخلية للمعارضة.
على أن الأمور لم تصل بعد إلى نتيجة حاسمة، علماً بأن الأبواب التي كانت مغلقة قبل أسابيع فتحت بقوة خلال الساعات الـ24 الماضية، وبدا أن التواصل بين الجميع أمر طبيعي، وصولاً إلى بروز تباينات داخل فريق الموالاة نفسه، وخصوصاً عندما أبلغ بري زواره من الطرفين «امتعاضه الشديد من تشاطر الرئيس المكلف فؤاد السنيورة ومحاولة رمي كرة النار في حضن المعارضة»، علماً بأن جلسة بري والسنيورة ليل أمس تناولت كل هذه العناوين دون التوصل إلى نتائج حاسمة. فالسنيورة لا يزال «يلعب على فكرة السلّتين وما بينهما» بحسب مصدر معارض قال إن بري كان واضحاً في أن موقف المعارضة واحد إزاء تشكيلة الحكومة.
وقالت أوساط بري إنه استعجل السنيورة تأليف الحكومة الجديدة، وأمل إنجاز التشكيلة قبل نهاية الأسبوع. وقال بري للسنيورة المدعو إلى مؤتمر في أوروبا في الثالث والعشرين من الشهر الجاري «إنه عليك أن تختار كيف تذهب إلى هناك، هل بصفتك رئيساً لحكومة وحدة وطنية تحظى بثقة كاملة من المجلس أم بوصفك رئيساً مكلّفاً». كما أبلغه «إذا فشلت مهمة تأليف الحكومة فسوف تفتح على البلاد أبواب جميع الاحتمالات».
وقال مصدر قيادي في المعارضة، إنه في حال «تأخّر تأليف الحكومة حتى مطلع الأسبوع المقبل، فإن الرئيس المكلف والفريق الداعم له سوف يشعرون بأن عليهم العمل تحت الضغط، وهو ضغط سيأتي من قبل جهات عدة في لبنان وخارجه، وحيث إن المعارضة على وجه التحديد لن تقبل بترك الأمور على الحال التي هي عليه اليوم».
غير أن ذلك لا يقلل في رأي أوساط بري من وجود عوامل إيجابية، أبرزها الاتصالات والقنوات المفتوحة المباشرة بين الموالاة والمعارضة على أثر اجتماع بري وجنبلاط، واجتماع النائب علي حسن خليل بالنائب سعد الحريري، ولقاء مستشار رئيس الحكومة محمد شطح بالعماد ميشال عون. ولاحظت أوساط رئيس المجلس إيجابية راح يطلقها الحريري، وهي انتقاله من الحديث عن الأمن في بيروت والمناطق إلى الخوض في الأزمة الحكومية التي يبدو أنها باتت الهمّ المشترك لدى الجميع.
وخلافاً للانطباعات التي طرحها السنيورة بعد مقابلته بري عن تقدم في تأليف الحكومة، لم يكن لدى مصادر بعبدا مساء أمس ما يعزز هذه الإيجابيات. ولكن المفاجئ كان قول مصادر محسوبة على بعبدا إن تمسك سليمان بالمر لا يعني موافقته على تحوّل هذا التوزير مشكلة إذا اصطدم بعقبات من المعارضة التي لا تزال ترفض توزير المر في حقيبة الدفاع، لكنها لاحظت أن المآخذ على المر هي على توليه حقيبة الدفاع الوطني، لا على توزيره شخصياً.