بقي المناخ الإيجابي الذي ساد خلال الساعات الماضية من دون وقائع مسندة، علماً بأنّ الجميع بدا متفائلاً بعد الدخول المباشر لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على خط الاتصالات، ومحادثته الهاتفية مع العماد ميشال عون التي سوف تستكمل بتواصل من خلال موفدين وبلقاء قريب بين الرجلين من أجل تسهيل الوصول الى إعلان تشكيلة الحكومة قبل الأحد المقبل، تاريخ الاحتفال الذي سيقام في القصر الجمهوري لمناسبة تطويب الأب يعقوب الكبوشي، وقبل يوم من سفر الرئيس فؤاد السنيورة الى أوروبا.إلا أن الاتصالات بحسب أكثر من مصدر تركزت على الاقتراح الأخير للعماد عون الذي يدعو لأن يكون لرئيس الجمهورية حقيبتان سياديتان، شرط أن تكون الأولى من حصة المسلمين والثانية من حصة المسيحيين، لتكريس الصورة التوافقية لرئيس الجمهورية. وعُلم أن اتصالات جرت بين القريبين من عون ومساعدين للرئيس السنيورة والرئيس نبيه بري، وكانت الأجواء إيجابية إزاء الفكرة، علماً بأن اتصال سليمان بعون فتح باب التباحث مع جنرال الرابية بصورة واسعة، وسط مناخات ودية بين الرجلين، تمثلت في مشاركة نواب جبيل في كتلة الإصلاح والتغيير في استقبال الرئيس في منزله في عمشيت، وفي قيام أصدقاء مشتركين، بينهم ضباط كبار سابقون وحاليون، بالتنقل بين الجانبين.
ووسط صمت الرئيس بري وحزب الله إزاء ما يحصل، تحدث الرئيس السنيورة أمام زواره عن موجة مكثفة من الاتصالات سوف تنطلق اليوم باتجاه التوصل الى حلّ يرضي الجميع. وكانت جولة الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى على القيادات كافة قد أظهرت أن نقاط الخلاف موجودة وقوية، ولكنها ليست من النوع الذي لا يمكن معالجته، لكن موسى رفض أي توريط للجامعة العربية في الاتصالات الخاصة بالتشكيلة الحكومية. لكن اللافت في نتائج زيارة موسى إعلانه «أن لا حكومة من دون العماد عون، وهذه حقيقة ثابتة يدركها كل من له علاقة بالاتصالات الجارية»، على ما قال مرجع سياسي لـ«الأخبار» أضاف إن موسى نقل عملياً مجموعة من الرسائل السياسية بين الأطراف دون أن يعطي نفسه دوراً خاصاً.
وبشأن مقترح عون، فإن النقاش الذي جرى على أساسه، انطلق من فكرة أن يسمّي رئيس الجمهورية مارونياً لوزارة الداخلية ومسلماً (شيعياً على الأغلب) لوزارة الدفاع أو الخارجية. وفيما جرى الحديث عن صعوبة إسناد أي من الوزارتين الأمنيتين الى مسلم بسبب الحساسيات التي نشأت بعد أحداث أيار، وأمام إصرار الرئيس السنيورة على وزارة المال، قيل إن رئيس الجمهورية قد يسمّي شيعياً لوزارة الخارجية، وعندها تذهب وزارة الدفاع الى المعارضة، وتحديداً إلى وزير مسيحي يسمّيه العماد عون دون أن يكون بالضرورة عضواً في تياره.
لكن اقتراح عون قد يصيب الفريق الشيعي في الحكومة بخسارة الحقيبة السيادية، ما يحتّم الأخذ بعين الاعتبار عملية التعويض من خلال إضافة حقيبتي الاتصالات والعدل الى سلة الوزارات «الوازنة»، فيأخذ الفريق الشيعي وزارة الاتصالات وتظل وزارة العدل مع فريق الموالاة، ومع تيار المستقبل تحديداً.
وفي انتظار جولة الاتصالات المرتقبة خلال الساعات القليلة المقبلة، فإن مصادر رسمية تحدثت عن مبالغة في تصوير توزير الياس المر على أنه العقدة، وقالت إن محاولة كسر رغبة رئيس الجمهورية منذ البداية من خلال إلزامه التخلي عن وعده للمر بتولي الحقيبة، قد تتحول الى مشكلة مع الرئيس سليمان الذي لم يحسم موقفه بعد، وإن كان لديه تصوّر آخر يقضي ببقاء المر في حقيبة الدفاع مع ضمانات بأنه سيكون محسوباً عليه سياسياً وإجرائياً وإدارياً، لا على فريق 14 آذار، مقابل أن يعمد سليمان الى تسمية وزير الداخلية بالتوافق الضمني مع العماد عون، الأمر الذي يريح الأخير ويطمئن المعارضة في الوقت نفسه. ويرفق سليمان تصوّره هذا بالدعوة الى منح عون حقائب خدمات أساسية.
أما في حال عدم حصول توافق على هذا الامر، فإن التعثر سوف يستمر، وفهم في هذا المجال، أن حزب الله والرئيس بري أبلغا الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية وآخرين من المعنيين في لبنان وخارجه بأنهما لن يدخلا أي حكومة من دون العماد عون، وأنهما يشعران بصوابية وأحقية ما يطلبه، وهذا ما دفع برئيس المجلس الى إبلاغ بعض الوسطاء بأن المفتاح عند عون.
وليل أمس، تحدثت أوساط قريبة من بعبدا عن أجواء إيجابية من غير أن تملك معطيات ملموسة. وقد مورست ضغوط إقليمية ودولية في عطلة نهاية الأسبوع على أفرقاء لبنانيين للمساعدة على إنجاز تأليف الحكومة لكونها البند الثاني في اتفاق الدوحة، وخصوصاً أن هذا البند يدخل في سياق ما اتفق عليه بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ثم إن إطالة مدّة التأليف تهدر كذلك الوقت المخصص لمناقشة قانون الانتخاب تمهيداً لانتخابات ربيع 2009.