لا تزال الأبواب موصدة في وجه تأليف حكومة الوحدة الوطنية، رغم دينامية الاتصالات والمشاورات الجارية بين الأفرقاء اللبنانيين. وبحسب مصادر رسمية مطّلعة، فلا تطوّر حاسماً منتظراً قبل نهاية الأسبوع الجاري، مع أن الرئيس المكلف فؤاد السنيورة لم يستبعد مفاجأة التأليف. وتعتقد المصادر نفسها بأنّ المأزق الحكومي مرشّح للدخول في أسبوعه الثالث من غير أن تتأكّد جدّية الأطراف في التوصّل إلى تسوية على تشكيلة الحكومة، وفي ظل معطيات بلغت إلى مراجع رسمية أكدت عدم توقع تدخل عربي مباشر في الأزمة الحكومية، من أجل ترك الأمر للّبنانيين لمعالجته بأنفسهم.ووفق زوار رئيس الجمهورية ميشال سليمان، فإنّ الرئيس يعتقد بأن أياً من طرفي النزاع، الموالاة والمعارضة، ليس في وارد تحمّل مسؤولية عرقلة تأليف الحكومة وتحمل وزر تعطيل تنفيذ البند الثاني من اتفاق الدوحة.
ولاحظ سليمان أنّ التأخير حقيقيّ، وربما استغرق بعض الوقت وقد يمتد إلى أيام، لكنه ـــــ كما قال الرئيس ـــــ لن يمتد بالتأكيد إلى أسابيع، مضيفاً أنه لن يطل شهر تموز إلا تكون الحكومة قد أبصرت النور. وأظهر تعويله على حركة الاتصالات غير المعلنة بين كل الأفرقاء بلا استثناء، مشدداً على أن الجميع يريد الحل ويعمل له، وأن هذا الحل من شأنه أن يتّسع للجميع إذا عزموا على التعاون.
ولفت رئيس الجمهورية إلى وجود اتصالات عربية ـــــ عربية تواكب الجهود الداخلية لإنجاز تأليف الحكومة، تقع قطر في صلبها.
ورغم الانطباعات الإيجابية التي يشيعها رئيس الجمهورية يومياً أمام زواره، لم يكتم البارحة وجود عقبات جدية تقف في طريق استعجال تأليف حكومة الوحدة الوطنية.
وتبعاً لمصادر سياسية على صلة بالاتصالات الدائرة، فإنها تشير إلى أن المشكلة الرئيسية التي تحول حتى الآن دون تأليف الحكومة لا تزال رفض المعارضة توزير الياس المر في حقيبة الدفاع الوطني، وطلب هذه الحقيبة للعماد ميشال عون، في وقت تشير فيه المصادر إياها إلى أن الآمال ليست موصدة دون أي تسوية إذا تم الاتفاق على مقايضة ملائمة تخرج الأزمة الحكومية من مأزقها. لكنها أكدت أيضاً أن رئيس الجمهورية مصرّ على الحصول على حقيبة الدفاع الوطني، وهو يتمسك بتوزير المر فيها، متأثراً بتجربة تعاونهما معاً في قيادة الجيش.
ويتلاقى هذا الموقف مع ما تذكره مصادر واسعة الاتصال في المعارضة، إذ تشير إلى خطورة مراوحة الوضع الحكومي في ظل إرباك أمني يهدد الاستقرار يومياً وتنقّل الحوادث من منطقة إلى أخرى، وتفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية. لكنها ترى أن المشكلة ليست بين المعارضة، وخصوصاً العماد عون، ورئيس الجمهورية، بل داخل الموالاة نفسها بسبب وجود خلافات على تقاسم القوى، التي يتألف منها هذا الفريق، الحقائب الوزارية.
وتتحدث عن ضغوط داخل قوى 14 آذار بغية حمل الرئيس المكلف على الاعتذار عن عدم تأليف الحكومة بعد أن يصل المأزق إلى ذروته، وأبرز تلك الضغوط حرمان السنيورة تعيين وزير يسمّيه هو، في وقت يسعى فيه رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري إلى إنعاش الآمال بحلوله هو محل السنيورة لتأليف الحكومة الجديدة، وهو أدخل إلى بورصة الأسماء التي يرشحها للتوزير النائب السابق غطاس خوري كوزير ماروني.