سليمان يتمسّك بآل المرّ والسنيورة بالماليّة وأزعور وإطاحة الصفدي وحزب اللّه ينتظر المقايضة ومرتضى للخارجيّة
بعدما سجّلت قوى المعارضة تحفّظها السياسي على تكليف الرئيس فؤاد السنيورة تأليف الحكومة الجديدة، دخلت البلاد في مرحلة البحث عن آليات تأليفها بأقصى سرعة ممكنة، وسط تباين في تقدير مواقف القوى الأساسية من هذه المهمة. وربما يبرز للمرّة الأولى تقاطع بين بعض قوى 14 آذار وقوى أساسية في المعارضة حول ضرورة إنجاز هذه الخطوة سريعاً، وبالتالي فتح حوار غير معلن لتذليل العقبات.
وذكرت مصادر مطّلعة أن الحوار بدأ بقوة بين الرئيس نبيه بري والنائب سعد الدين الحريري والنائب وليد جنبلاط، وأن الأجواء القائمة بين هذه الشخصيات إيجابية حتى الآن، وأن قوى أخرى مثل حزب الله والتيار الوطني الحر تجد نفسها صاحبة مصلحة في إنجاز التفاهم سريعاً. وقالت هذه المصادر إن عرقلة تأليف الحكومة ستنعكس سلباً على الرئيس الجديد ميشال سليمان، وإن الرئيس السنيورة نفسه مستعجل إنجاز الأمر حتى لا يظهر كأنه سبب أي مشكلة، كما أن الرئيس بري مستعدّ لتقديم ما يسهّل له العودة الكاملة إلى السلطة، وإطلاق آلية عمل معقولة للمجلس النيابي، فيما يرى حزب الله مصلحة في التوسّع بتنفيذ اتفاق الدوحة. أما التيار الوطني الحر، وإن كان يرى ضمنياً أنّ اتفاق الدوحة أفقده منصب رئاسة الجمهورية، فإنّه يريد حصر الأمر عند هذه الحدود، ويرغب في المشاركة بقوة في السلطة وأداء الدور المطلوب منه في مجالات عدة.
لكن هذه المصادر لفتت إلى مخاطر حصول مداخلات من قوى خارجية، مذكّرة بتصريحات لرئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم، قال فيها إن الولايات المتحدة قد لا تكون مرتاحة إلى اتفاق الدوحة. وتقول هذه المصادر إن كلام المسؤول القطري ينسحب عملياً على السعودية، إذ تتّكل الولايات المتحدة على السعودية أكثر من السابق في إدارة الملف اللبناني، علماً بأن القائمة بالأعمال الأميركية في بيروت ميشال سيسون، التي ستقدّم قريباً ونظيرها الفرنسي أندريه باران أوراق اعتمادهما إلى الرئيس سليمان، عادت للحديث عن أهمية تعزيز قوى 14 آذار لموقعها داخل السلطة وعدم التنازل في ملف سلاح المقاومة.
وقالت مصادر مطلعة على الاتصالات الجارية في شأن التشكيلة الوزارية الجديدة إن التعقيدات كثيرة ومنها:
1ـــــ إن إمكان التبادل بين الموالاة والمعارضة بوزيرين شيعيين وآخرين سنيين، أو التبادل خارج «الكوتا» الطائفية والمذهبية، لا يزال غير متاح.
2ـــــ إن رئيس الجمهورية لا يزال مصراً على إبقاء الياس المر وزيراً للدفاع، وجاء اعتراض المعارضة ليضعه أمام خيار توزير شقيقته ميرنا المر في حقيبة خدماتية، علماً بأنه قد يختار أيضاً من جبيل نعمة افرام وزيراً للصناعة.
3ـــــ إن العماد عون يريد خمس حقائب هي الأشغال العامة للنائب إيلي سكاف والتربية لجبران باسيل والمال لأحد المارونيين من حصته، والشؤون الاجتماعية، إضافة الى وزارة الدفاع إذا لم يحظَ بالمال، على أن تكون من حصة اللواء عصام أبو جمرة.
4ـــــ إن الرئيس السنيورة يريد الاحتفاظ بوزارة المال، وإذا سمّى رئيس الجمهورية مارونياً لوزارة الداخلية يصبح صعباً إبقاء الوزير الحالي جهاد أزعور، وهو ماروني، في منصبه، لذلك يقترح السنيورة إسناد وزارة المال إليه باعتباره سنّياً، وأن يكون أزعور وزير دولة مكلّفاً وزارة المال، كما أنه يريد النائب مصباح الأحدب مكان الوزير محمد الصفدي، وإبقاء الوزير أحمد فتفت في منصبه، على أن يتولى الوزير خالد قباني وزارة العدل.
5ـــــ يريد الرئيس بري الاحتفاظ بوزارة الصحة للوزير نفسه محمد جواد خليفة، والخارجية للسفير السابق جهاد مرتضى ووزارة الزراعة للنائب علي حسن خليل الذي سيكون وزيراً سياسياً، علماً بأن المفاوضات حول هذه النقطة لم تنته بعد.
6ـــــ يريد حزب الله الاحتفاظ بوزارة الطاقة للوزير محمد فنيش، وإذا لم تحصل المقايضة مع الآخرين فسوف يرشح النائب حسين الحاج حسن لوزارة العمل. ولم تحسم هوية الوزير الثالث.
7ـــ ثمّة مشكلة داخل فريق مسيحيّي 14 آذار، إذ إن العماد عون يريد وزيرين من الموارنة الستّة، وإذا اختار الرئيس سليمان مارونياً لحقيبة الداخلية والسنيورة أزعور للمال فسوف يبقى مقعدان: واحد لحزب الكتائب وآخر للقوات اللبنانية، ولن تكون هناك فرصة لتوزير بقية فريق «قرنة شهوان»، علماً بأن رئيس الهيئة التنفيذية في القوات سمير جعجع طالب بعدم توزير أزعور لأنه يأخذ من حصة الفريق المسيحي، ولا سيما أن النائب سعد الحريري يريد إبقاء الوزير ميشال فرعون، ولو من دون حقيبة. ولا يمكن فريق 14 آذار المسيحي أخذ حصة الأرمن والأقليات (واحد سيمثله حزب الطاشناق من خلال حصة عون، وآخر من حصة كتلة المستقبل التي تضم أربعة أرمن واثنين من الاقليات).
وكان السنيورة قد جال امس على رؤساء الحكومات السابقين، وسيبدأ اليوم استشاراته النيابية مع الكتل والنواب المستقلّين قبل أن تبدأ الاتصالات الفعلية. ونقل عن غالبية الذين زارهم السنيورة امس «حديثه الصريح» عن المرحلة السابقة وإعلانه رغبته في «فتح صفحة جديدة مع كل القوى، وأنه مستعد لمدّ يديه الاثنتين لمعالجة كل المواضيع العالقة». كذلك أكد السنيورة أهمية استفادة لبنان «من الطفرة الاقتصادية الحاصلة للوصول إلى مرحلة الازدهار وإراحة المواطنين بعد فترة من تردّي الأوضاع الاقتصادية».