القاهرة ــ وائل عبد الفتاحتعيش مصر أجواء أيلول ١٩٨١ حين قرر الرئيس أنور السادات اعتقال ١٥٠٠ من خصومه، ليضمن أن «المعارضة في السجن». هذا ما تتوقعه غالبيّة السياسيين في مصر بعد أحداث ٦و ٧ نيسان الأخيرة (التفاصيل ص 20). ورغم أن نيابة أمن الدولة العليا أفرجت عن المنسّق العام المساعد لـ«كفاية» جورج اسحاق بكفالة قدرها ١٠ آلاف جنيه (نحو ٢٠٠٠ دولار)، فإنّ هذه الخطوة، كما قالت مصادر في الحركة الاحتجاجية، تعني أن «الدولة مرتبكة ولديها اتجاهان للتعامل مع معطيات ما يمكن تسميته انتفاضة الربيع في مصر» في مقابل «خريف النظام»: الاتجاه الأول هو ضرب المعارضة بعنف وقوة حتى لا يتكرر ما حدث، وإجهاض إضراب أيار المقبل، والاتجاه الثاني هو التهدئة واستمرار القضية من دون استمرار حبس اسحاق، لكي لا يظل الضوء مسلّطاً على الاعتقال، وهو ما يصنع من منسّق «كفاية» بطلاً ورمزاً للإضراب المقبل، وفي الوقت نفسه تستمر التحقيقات في قضية يقال إنها «ستنتهي بحملة اعتقالات شبيهة» بما يسميه السياسيون «أيلول الأسود».
النيابة ستستمع اليوم إلى تسجيلات لمكالمات هاتفية خاصة بجورج اسحاق، بعدما كشفت التحقيقات أن مباحث أمن الدولة حصلت على ترخيص بالتنصّت علي مكالماته في ٥ نيسان لتكون مستندات «صوتية»، وهو ما يثير مخاوف عدد كبير من الإعلاميين والسياسيين من أنها مقدّمة للتحقيق معهم، وخصوصاً أن اسحاق على اتصال وثيق بكل الطيف السياسي والإعلامي.
في السياق، اعتقلت قوات الأمن في المحلةّ علي عبد الناصر نوري، مصوّر وكالة «رويترز» وصاحب الصورة الشهيرة التي سجلت لحظة إسقاط صورة الرئيس حسني مبارك وركلها. كما منعت حواجز أمنية بامتداد الطريق من القاهرة إلى المحلة قافلة من النشطاء السياسيين والإعلاميين والمدونين من الوصول إلى المدينة. وعلّق أحد المتابعين ساخراً «الأمن قرر مراقبة الصوت والقبض على صاحب الصورة، ولم يعد أمامه إلا توقيف المراكب السائرة».