strong>لقاء مفاجئ يجمع الفيصل ومتّكي في القاهرة... وتكليف موسى تحسين العلاقات اللبنانيّة ـ السوريّةالقاهرة ـ الأخبار
بدا واضحاً أن وزراء الخارجية العرب سعوا، خلال اجتماعاتهم في القاهرة أمس، إلى تهدئة حدة التوترات في ما بينهم، ومحاولة التوصل إلى تسويات الحد الأدنى، بما يضمن انعقاد قمة دمشق، التي جرى ترحيل الخلافات العربية ــــ العربية إليها، على أمل أن تكون «بداية للّحمة والتضامن».
تهدئة ميّزت لغة التخاطب داخل الاجتماع، فرضتها على ما يبدو المجازر الإسرائيلية الأخيرة في قطاع غزة، وترافقت مع لقاء مفاجئ جمع وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي مع نظيره السعودي سعود الفيصل في مطار القاهرة الدولي، استمر حوالى ساعة ونصف الساعة.
أما التسويات، فقد ظهرت في ملفين أساسيين: الأول يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي، الذي خرج اجتماع القاهرة بتلويح خجول بإمكان سحب العرب مبادرتهم السلمية التي أقرتها قمة بيروت. والثاني يتعلق بالأزمة اللبنانية، حيث أعاد الوزراء تأكيد مطالبتهم بانتخاب العماد سليمان رئيساً وتأليف حكومة وحدة وطنية «في أسرع وقت».
أما الجديد في هذا الشأن، فكان تكليف الأمين العام لجامعة الدول العربية بذل الجهود لوضع العلاقات اللبنانية ــــ السورية «على سكتها الصحيحة»، وتأكيد توجيه دعوة لحضور القمة إلى الرئيس اللبناني الجديد، إذا انتُخب قبل انعقادها، أو إلى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في حال التعذر.
وعلمت «الأخبار» أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم أكد، خلال الاجتماع الوزراي، أن بلاده «لا تعطّل توافق اللبنانيين على ملف الاستحقاق الرئاسي اللبناني». وقالت مصادر عربية واسعة الاطلاع، شاركت في الجلسة المغلقة للوزراء، إن المعلم دافع عن علاقات بلاده مع إيران، وقال إنها «ليست ضد العرب». ونقلت عن الوزير السوري قوله: «لسنا من يُحضر الأجانب لتقرير مصير العرب، ولا يجوز السماح لهم بالتدخل».
ونفت المصادر وقوع ملاسنة بين المعلم والفيصل، لكنها أشارت إلى أن المعلم «رد بلطف» على كلام قاله وزير الخارجية اللبناني بالإنابة طارق متري انتقد فيه ضمنياً مواقف سوريا تجاه لبنان. وقالت المصادر إن «المعلم دحض تدخل بلاده في الشأن اللبناني على نحو سيِّئ، وإن متري قال إنه يقبل بما أعلنه المعلم خلال الجلسة».
وقالت المصادر إن وزراء الخارجية العرب جددوا تفويض موسى محاولة إيجاد حل للأزمة اللبنانية والاستعانة بمن يريده من الدول العربية، مشيرة إلى أن هناك توافقاً جماعياً على ضرورة السعي لانتخاب رئيس جديد في لبنان قبل القمة العربية.
ووصف سفير سوريا في القاهرة، يوسف الأحمد، الجو العام داخل الاجتماع بأنه «كان إيجابياً». وأوضح لـ«الأخبار»، أنه تم إقرار «جدول أعمال القمة من دون أن يتحدث أحد على الإطلاق عن ربط موضوع القمة بأي موضوع آخر»، مضيفاً أن «مناقشات جدول القمة استغرقت وقتها الطبيعي».
وفي ما يتعلق بما قاله الوزير متري، أوضح السفير السوري أنه «مثل موقف حكومته الطبيعي، لكن لم تحدث عملية أخذ ورد بينه وبين المعلم». وأضاف: «تكلم الوزير المعلم بمفردات الموقف السوري الحقيقي الحريص على لبنان، وعلى التنسيق معه، وضرورة أن يكون هناك جو طبيعي يتيح عودة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها». وقال إن المعلم بيّن «أخطاء متري في عرضه، والأخير تقبّل الموضوع وانتهى الإشكال».
وقال الأحمد: «أوضحنا لهم أن لبنان سيُدعى إلى المشاركة في القمة العربية في دمشق، وهو من سيقرر من يمثّله في هذا المؤتمر». وكشف عن «إدراج بند جديد على جدول أعمال القمة يتعلق بتصفية الخلافات العربية ــــ العربية حتى يكون المؤتمر المرتقب في دمشق بداية للّحمة العربية والتضامن». وخلص إلى أنه «لم يكن هناك داخل اجتماع وزراء الخارجية العرب أي شيء سلبي، والحوار اتسم بالموضوعية».
وتجنّب المعلم الإجابة الصريحة عن أسئلة الصحافيين بعد الاجتماع عما إذا كان الوزراء قد اتفقوا على تفسير موحد للمبادرة العربية. وقال إن «المبادرة كُتبت باللغة العربية وهي واضحة»، ويتولى عمرو موسى «تنفيذها كخطة متكاملة».
ورداً على سؤال عما إذا كانت سوريا ستوجّه الدعوة لحضور القمة في حال عدم انتخاب رئيس إلى حكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة، قال المعلم إن «هذه المسألة سيتولى معالجتها الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي سيواصل جهوده في لبنان».
وكان المعلّم قد قال أول من أمس، في ختام الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب، إن المبادرة العربية تطرح حلاً متكاملاً للأزمة اللبنانية وتحقيق الشراكة بين أطياف الشعب اللبناني، موضحاً أن «تركيبة مجلس النواب اللبناني تتضمن 55 في المئة للأكثرية و45 في المئة للمعارضة، وهذا ما يجب أن تعكسه تركيبة حكومة الوحدة الوطنية في لبنان». وأوضح أن المبادرة العربية في لبنان «لم تصل إلى حائط مسدود، ولا ينبغي أن يُفرض شيء على اللبنانيين».
وعقب الاجتماع الوزاري العربي أمس، أكد موسى، في مؤتمر صحافي، أن القمة العربية ستعقد في دمشق في موعدها ومكانها المحددين سلفاً، مشيراً إلى أن هناك قراراً بدعوة لبنان لحضور القمة. وقال إن «سوريا ستوجه دعوة إلى الرئيس اللبناني إذا انتُخب قبل يوم 11 من الشهر الجاري، وإذا لم يُنتخب، فستوجّه الدعوة إلى من يتولى سلطات الرئيس وفق الدستور اللبناني». وشدد على أن «لبنان مدعو بالطريقة التي ترضي الجميع»، مشيراً إلى أن «كل الدول العربية ستحضر، لكن مستوى تمثيلها لا يزال في عهدة سوريا باعتبارها الدولة المضيفة».
إلى ذلك، قالت مصادر عربية ومصرية إن متكي والفيصل اجتمعا أمس، فجأة، لساعة ونصف الساعة في مطار القاهرة الدولي. وأوضحت أن متكي كان آتياً من جنيف، حيث شارك في مؤ‌تمر نزع السلاح واجتماع مجلس حقوق الإنسان، في طريقه إلى بوروندي في إطار زيارة لهذه الدولة الأفريقية، بينما كان الفيصل يستعد للعودة إلى الرياض في ختام اجتماعات وزراء الخارجية العرب.