... وفي الذكرى الخامسة للغزو، يبدو المشهد العراقي أكثر هدوءاً، لكنه أكثر قتامة. العنف تقلص وعدد الضحايا انخفض بشكل ملموس. غير أن التناقضات بين الأطياف العراقية تزداد اتساعاً. بات البلد منقسماً إلى مقاطعات شبه مستقلة، تفرضها زعامات الأمر الواقع المحلية، وتضبط الأمن فيها ميليشيات طائفية أو عرقية، بدعم القوات الحكومية،... وجنود الاحتلال الأميركي.
الأكراد يحكمون الشمال عبر البشمركة. والسنة يحكمون الغرب عبر «الصحوات». والشيعة يسيطرون على الجنوب عبر ميليشيتَي «المجلس الأعلى» و«جيش المهدي»، رغم تجميد نشاطه. أما في الوسط، وخاصة في بغداد، فحدّث ولا حرج: «فرض القانون» بجدران الفصل الطائفية، و«المصالحة الوطنية» تبقى أمنية يزداد تحقّقها صعوبة يوماً بعد يوم.
في المقابل، يصارع المواطن العراقي لاستعادة إنسانيته، في وجه جرائم القتل والخطف والاغتصاب، فضلاً عن غياب الحد الأدنى من مقوّمات العيش الكريم، فيما الفساد ينخر هياكل المؤسسات العامة، حتى الأمنية منها.
أمّا قيادة الاحتلال، فتصارع ضد الضغوط السياسية في واشنطن لخفض عدد القوات، وضد تمدد النفوذ الإيراني في بلاد الرافدين، حيث بدا واضحاً أن الرئيس محمود أحمدي نجاد أكثر قدرة على ضبط الوضع من نظيره جورج بوش. صراع نفوذ تراهن الإدارة الأميركية فيه على الحصان العربي.
ومع تعدّد الملفات المتعلقة بالشأن العراقي وتشعّبها، ارتأت «الأخبار» أن تخصص ملحقها في الذكرى الخامسة للغزو لاستبيان الخريطة السياسية ما بعد صدام حسين، في محاولة لتوضيح صورة الاصطفافات في هذا البلد، الذي تحول، بـ«نِعَم» جورج بوش، إلى «جمهورية ميليشيات».