بغداد ـ الأخبارفي إطار تفاخره بإنجازات احتلاله، قال الرئيس الأميركي جورج بوش «الآن أصبح بمقدورك أيتها المرأة العراقية الذهاب إلى الجامعة وممارسة العمل الوظيفي»، لكنه أغفل أنها أصبحت أرملة أو يتيمة أو منكوبة اغتُصب منها كل ما ملكت، ليدّعي أنّها «حصلت على حقوقها»
كانت المرأة العراقية في الماضي تتمتّع بالعديد من الحقوق والحريات السياسية والمدنية والاجتماعية، ولا سيما مع ما قدّمه قانون الأحوال الشخصية لعام 1959، الذي يعدّ أهم الإنجازات التقدّمية في مجال حقوق المرأة. أما الجهة التي وقفت وراء إصدار هذا القانون فهي رابطة حقوق المرأة التي تأسست عام 1952، وهي أوّل منظمة ديموقراطية جماهيرية تُعنى بالدفاع عن حقوق المرأة، ومن أبرز مؤسساتها، الدكتورة نزيهة الدليمي، التي أصبحت أوّل وزيرة في العالم العربي، والدكتورة روز خدوري وسافرة جميل حافظ وخانم زهدي وسالمة الفخري وزكية شاكر وزكية خيري ومبجل بابان.
وتقول بابان «كانت الغاية من إصدار قانون الأحوال الشخصية تحقيق الاستقرار في الحياة العائلية، وإنهاء الارتباك والتناقض في أحكام القضاء الشرعي، وقد استند إلى أحكام الشريعة الإسلامية، مستمزجاً فقه المذاهب الإسلامية من دون تحيّز، واحتوى على سبيل المثال لا الحصر: تحديد سنّ الزواج واشتراطه البلوغ والصحة العقلية، وتنظيم حضانة الطفل عند افتراق الأبوين، وساوى بين الذكر والأنثى في الميراث، كما أقرّ مبدأ وحدانية الزواج بشكل عام، فرأى الزواج بأكثر من زوجة واحدة جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس أو بالغرامة، إلا في حال حصل الزوج على موافقة القاضي الذي يقرّر إذا كانت هناك مصلحة مشروعة في الزواج بأخرى».
وتناولت بابان، خلال ندوة نظمتها حركة تنسيق قوى التيار الديموقراطي في العراق مطلع الشهر الجاري، الصراع الدائر منذ الاحتلال حول قانون الأحوال الشخصية. وقالت «لقد تعرّض القانون إلى هجوم جديد في كانون الأول عام 2003، أتى على شكل قرار يحمل الرقم 137 أصدره مجلس الحكم، وقضى بإلغاء القانون واعتماد أحكام الشريعة الإسلامية وفق المذاهب، إلاّ أنّ القرار أُلغي إثر الاحتجاجات الواسعة للمنظمات النسائية وبسبب معارضة الأحزاب السياسية غير الدينية». وتابعت «من المكاسب المهمة التي حصلت عليها المرأة، إقرار الكوتا بنسبة 25 في المئة في المجلس التشريعي».
وإضافة إلى الهجمة على مكتسباتها القانونية، تعرضت المرأة لحملات عنف في إطار الوضع الأمني وموجات العنف والصراع الطائفي، فهوجمت تجمعاتها وحركتها السياسية والاجتماعية؛ فقد تعرّضت الكثير من القيادات النسائية والناشطات إلى عمليات اغتيال وتهديد، وهذا لم يتم بمعزل عن السعي لإضعاف تأثير الحركة النسائية في العملية السياسية.
وعلى الصعيد الاجتماعي، تعرّضت العراقيات إلى مظاهر عنف وإرهاب لم يشهدها مجتمعها سابقاً، فعمليات الخطف والاغتصاب ثمّ القتل شملت كل الشرائح، وكذلك إرغام النساء على ارتداء الحجاب بشتى الوسائل كالتهديد بالقتل، وهناك وزارات لا تسمح بتعيين غير المحجّبة.
وكنتيجة لمظاهر العنف والإرهاب، تجاوز عدد الأرامل في بلاد الرافدين أكثر من ثلاثة ملايين، والأطفال اليتامى تجاوزوا الخمسة ملايين، وعدد النساء القتيلات في البصرة عام 2007 بلغ 140 امرأة. وحتى في إقليم كردستان، الذي يعدّ نسبياً من المناطق الآمنة، لوحظ أن وتيرة العنف آخذة بالتصاعد بشكل مخيف، وتشير نتائج الإحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة في الإقليم إلى ازدياد مطرّد في حالات قتل النساء بالرصاص أو الخنق، كما تضاعفت حالات إقدام النساء على الانتحار حرقاً أو شنقاً أو بالتناول المفرط للعقاقير والسموم جرّاء تنامي المشكلات الاجتماعية. كما أنّ حالات قتل النساء تزداد سنوياً، حيث بلغت 329 عام 2003، و291 عام 2004، و778 عام 2005، و812 عام 2006، أي ما يعادل 2222 امراة وفتاة قتلن أو أقدمن على الانتحار حرقاً في الإقليم، بمعدل خمس حالات يومياً.