لم يمضِ يوم واحد على إعلان التيار الصدري حالة «العصيان المدني» احتجاجاً على حملة الاعتقالات والتنكيل التي يتعرّض لها أنصاره من الحكومة العراقيّة، حتى انفجرت معارك عنيفة مع القوّات الحكوميّة، هي الأشرس منذ أحداث كربلاء في آب الماضي، بمبادرة من رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي تولى بنفسه قيادة العمليات (تفاصيل ص 20).أحداث ذلك الشهر لم تتوقّف إلا بقرار السيد مقتدى الصدر تجميد نشاط «جيش المهدي». تجميد لا يزال سارياً، لكنه لم يحل دون تفجّر معارك الأمس، التي يبدو واضحاً أنها أكثر دموية وشمولية؛ فقد تجاوزت حصيلة اليوم الأول لعدد الضحايا 30 قتيلاً، معظمهم سقطوا في البصرة، التي تحولت إلى ساحة حرب. وتوسع إطار الاشتباكات لتتحوّل إلى معارك بين أحزاب الطائفة الواحدة، مع تسجيل مواجهات مسلحة شارك فيها مقاتلو «منظّمة بدر» و«حزب الدعوة الإسلاميّة»، المنافسان الرئيسيّان للتيار على الساحة الشيعيّة.
كما طاولت أعمال العنف كامل المحافظات التي تقطنها غالبيّة شيعيّة في الضواحي الشرقية لبغداد ومناطق الوسط والجنوب، التي فُرض عليها حظر التجوال أسوة بباقي المناطق الساخنة.
أما المالكي فأمضى يومه الثاني في البصرة، حيث قاد شخصياً حملة «صولة الفرسان»، التي شدد على أنّها لا تستهدف التيّار الصدري، بل «جميع المجموعات الخارجة عن القانون ويحمل عناصرها سلاحاً غير مرخّص».
ورغم أنّ الصدر حاول ضبط شارعه وحثّه على التزام العصيان «السلمي» ومواجهة القوات الحكومية بـ«المصحف وغصن الزيتون»، فإنّ التجاوب الشعبي بدا ضعيفاً، باستثناء النجف. قوات قال إنها «جاءت اليوم لتكمل مسرحية الدم والإقصاء والإلغاء، مستغلّة بذلك أكذوبة تطبيق القانون الذي لم يُطبَّق إلا على من كان سبباً بأن يستقرّ العراق ويكون موحّداً لا كما يريدون ويريد الاحتلال».
أما نوّاب الكتلة الصدريّة فقد علَّقوا عضويتهم في البرلمان، وأعلنوا نيتهم حجب الثقة عن الحكومة، وهو إجراء لم يسبق أن قام به التيّار منذ دخوله التشكيلة الوزاريّة وانسحابه منها في الصيف الماضي.