القاهرة ـ الأخباردشّنت سوريا، أمس، رئاستها للقمّة العربية بمبادرة تهدئة مع مصر، نقلها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى نظيره المصري حسني مبارك، الذي رد بإيجاب على المبادرة، لكنه طالب بتحرّك مماثل باتجاه السعودية.
وكشفت مصادر مصرية وجزائرية متطابقة في القاهرة لـ«الأخبار» أن الرئيس الجزائري نقل إلى الرئيس المصري رسالة شفوية من نظيره السوري بشار الأسد تدعو إلى فتح حوار معمّق وجاد بين القاهرة ودمشق لشرح ما تراه دمشق «ضرورياً لانقشاع الغيمة» التي تسود الأجواء بين الطرفين.
وأوضحت المصادر أن مضمون رسالة الأسد لمبارك تمحور حول نفي تدخل بلاده سلباً في ملف الأزمة اللبنانية، وأنها تبذل قصارى جهدها لمساعدة اللبنانيين على انتخاب رئيس جديد. كما نقلت المصادر عن الأسد قوله لمبارك، وفقاً للرسالة، إن «استمرار الخلافات بيننا ليس في مصلحة أيّ منّا، والأعداء فقط هم المستفيدون»، مشيراً إلى أن «ما بين القاهرة ودمشق يجب أن يكون أكبر من أي سوء فهم أو تفاهم عارض».
وقالت المصادر إن «الأسد عرض أيضاً عقد حوار مباشر بين القاهرة ودمشق على أي مستوى تريده، من دون أي شروط مسبقة، لشرح وتبادل وجهات النظر المختلف بشأنها، كما حثّ مبارك على أن يمد يده لمصالحة لا تستثني أحداً ولا تترك خلافاً أو ملفاً من دون مناقشته بصراحة ووضوح».
وعلمت «الأخبار» أن مبارك رد على نظيره الجزائري بأن «المشكلة أساساً ليست بين القاهرة ودمشق، وأنه سعى في السابق لمساعدة السوريين على تجاوز خلافاتهم الطارئة مع السعودية، لكن بعض المحيطين بالرئيس السوري أساؤوا إلى السعودية، ما أدى إلى اندلاع حرب كلامية وإعلامية كان واجباً تجنّب التورّط فيها».
وقالت المصادر إن «مبارك ردّ مبدئياً بشكل إيجابي على عرض الوساطة الجزائري، لكنه اقترح في المقابل على بوتفليقة أن يسعى إلى إقناع السعوديين بقبول التحاور مجدداً، وعلى مستوى ثنائي ومباشر مع سوريا».
وفي ختام القمة المصرية الجزائرية، أعلن المتحدث باسم الرئاسة المصرية، سليمان عواد، أن مبارك ناقش مع بوتفليقة موضوع تحسين العلاقات العربية ــــ العربية، مؤكّداً من جديد أن «لبنان هو نقطة البداية» لتنقية العلاقات بين الدول العربية.
وقال عواد إن «مبارك أبدى اهتماماً خاصاً بالبند الخاص بالعلاقات العربية ــــ العربية الذي طُرح خلال قمة دمشق، وأعرب عن أمله مجدداً أن تشهد العلاقات العربية انفراجاً يحاصر الخلافات ويزيد هذه العلاقات رسوخاً». وتابع أن «العلاقات العربية ــــ العربية، كما اتفق الجميع، لا تشهد أزهى مراحلها فى الوقت الحاضر»، مشيراً إلى أن مبارك أكد في رسالته للقمة أن «نقطة البداية الحقيقية لتحسين هذه العلاقات هي لبنان».
المعلم
شدّد وزير الخارجية السوري وليد المعلم، في مقابلة مع قناة «إي أن بي»، على ضرورة تطبيق المبادرة العربية في ما يخص لبنان، إلا أنه أشار إلى أن «المبادرة العربية واضحة والمعارضة اللبنانية أبدت مرونة. لكن من يخرج عن المبادرة هو من يُفسّرها خطأً». وأوضح أن التوافق على العماد ميشال سليمان رئيساً نقطة منتهية، مشدداً على ضرورة التوافق على أسس تأليف الحكومة لتأتي المرحلة الثانية، «التنفيذ» الذي يبدأ بانتخاب رئيس وتأليف الحكومة الوطنية.
ووصف المعلم المبادرة العربية بأنها «خطة متكاملة»، موضحاً أن لا أحد يحل محل اللبنانيين في حل خلافاتهم، وأن «هناك سيادة واستقلالاً نحترمهما جميعنا. وما يتوافق عليه اللبنانيون في حوارهم سيلقى كل دعم، ولن نتدخل». وأشار إلى أن المعارضة اللبنانية «لا تستمع إلى دمشق»، مشدّداً على أن سوريا «لن تسعى لأي اضطراب في البلد الشقيق».
وقال المعلم «نحن نربأ بأنفسنا وبمجلس الجامعة الحلول محل اللبنانيين في تقسيم الحقائب الوزارية». وأكد أن «التعاون السوري السعودي لا يهدف إلى الحلول محل اللبنانيين، بل لتشجيع كل طرف». وعلّق على كلام رئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط بأنه «لا أحد يصرف كلام المعلم»، بالقول: «أنا لم أذهب إلى بورصة جنبلاط لأصرف كلامي».
وعن إثارة أجواء الخوف مما بعد القمة في لبنان، قال الوزير السوري إن هذا «في أذهان وعقول من يخطط لمثل هذا الاضطراب، أماّ نحن فسنلتزم بما قاله الرئيس (بشار) الأسد، لسبب بسيط، أن استقرار لبنان حيوي وهام جداً لاستقرار سوريا ولأمن المنطقة»، مشيراً في الوقت نفسه إلى «مخاطر عدم التوصل إلى حل الأزمة (اللبنانية)».
المحكمة الدولية
في ما يتعلق بالمحكمة ذات الطابع الدولي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، قال الوزير السوري إن «المحكمة الدولية استخدمت كأداة سياسية»، مؤكداً أن «لدينا مصلحة للوصول إلى الحقيقة. نريد معرفة الحقيقة. أما موضوع المحكمة، فلأنها سياسية لها شأن آخر». وقال: «نحن لا نقبل أن تستخدم علينا أدوات الضغط السياسي ما دامت المحكمة سياسية».
وكشف المعلم أن «صفقات عُرضت علينا (في موضوع المحكمة) ولم نأبه لها أو نلتفت إليها»، موضحاً «قيل لنا سهّلوا انتخاب رئيس الجمهورية نُلغِ موضوع المحكمة». وأضاف أن «العروض تراوحت بين وقف المحكمة وتجميدها لسنوات وعدم تمويلها». لكنه أردف قائلاً: «نحن لا ندخل في صفقات في هذا الموضوع. لا علاقة لموقف سوريا من الأزمة في لبنان وموضوع المحكمة»، مبدياً قلقه من أن «نجاح القمة سيزيد الخصومة ضد سوريا».
ونفى المعلم علمه بموعد صدور نتائج التحقيق بشأن اغتيال الشهيد عماد مغنية، مشيراً إلى أن «موضوع التحقيق تختص به الأجهزة الأمنية ولا علاقة للدبلوماسية به». وبرر التأخر بأنه أمر طبيعي، وأن «جريمة اغتيال الرئيس الأميركي جون كينيدي لم يكشف مرتكبها حتى الآن، أو لم يعلن عنه».