حسمت مصر رؤيتها لوضع حدودها مع قطاع غزة، واختارت إغلاقها بالكامل في وجه الفلسطينيين «الجائعين»، بعد نحو أسبوعين من فتحها بقوة المتفجرات والأمواج البشرية، سعى خلالهما نظام الرئيس حسني مبارك إلى استيعاب حال الاحتقان في الشارع المصري والحفاظ على ماء وجهه حيال الشارع العربي. إغلاق بدا واضحاً أمس أن القاهرة ستعمل على إحكامه، وبصرامة، في وقت تواصل فيه إسرائيل عدوانها على قطاع غزة، حيث استشهد أمس 9 فلسطينيين بصواريخ الاحتلال، 7 منهم سقطوا بينما كانوا يؤدون الصلاة (التفاصيل).القرار المصري والاغتيالات جاءا غداة العملية الاستشهادية في ديمونا، والتي يبدو أنها أحدثت إرباكاً بين الفصائل الفلسطينية، التي سارعت إلى تبنيها، قبل أن يتضح أن منفذيها كانا مقاومين من «حماس» انتقلا إلى صحراء النقب من مدينة الخليل في الضفة الغربية، لا من غزة كما أوضح بيان «كتائب شهداء الأقصى» و«كتائب الشهيد أبو علي مصطفى» و«سرايا المقاومة الوطنية» أول من أمس. وأوضحت «حماس»، التي أعلنت مسؤوليتها الكاملة عن العملية، أن منفذيها هما: محمد سليم الحرباوي وشادي محمد زغير، وقد داهمت قوات الاحتلال أمس منزليهما في الخليل.
التبني الجديد يطرح تساؤلات عن الأسماء الأربعة التي أعلن عنها أول من أمس في بيانات التبني للعملية، والتي فسرتها مصادر في غزة بأنها تؤشّر إلى إمكان وجود خلايا في الداخل الإسرائيلي تم الكشف عنها عن طريق الخطأ. وكانت الفصائل الثلاثة قد أعلنت أن موسى خليل عرفات ولؤي زكي الأغواني هما منفذا العملية، فيما أعلنت «كتائب الأقصى»، في بيان منفصل، أن الاستشهاديين يدعيان راجي حسن الكيلاني (25 عاماً) وأيمن رمزي الحدادين (24 عاماً).
وفيما تعالت الأصوات في إسرائيل للمطالبة باغتيال قادة «حماس» السياسيين، على خلفية عملية ديمونا، نفذت قوات الاحتلال سلسلة غارات على أهداف أمنية للحركة الإسلامية ما أدى إلى استشهاد 9 من عناصرها، إضافة إلى إصابة نحو 10 آخرين بجروح.
وقال ضابط أمن من «حماس» إن أوامر صدرت لأعضاء الحركة باتخاذ «جميع الاحتياطات اللازمة» بما في ذلك إغلاق هواتفهم المحمولة التي يمكن للطائرات من دون طيار الإسرائيلية أن تتعقبها.
وكان وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، قد رفض ضمناً، في وقت سابق، إشراك حركة «حماس» في إدارة معبر رفح، ووجّه تحذيراً إلى الحركة الإسلامية تحت عنوان أن «مصر دولة كريمة وتتسم بالصبر، لكن صبرها له حدود»، في وقت تبحث فيه الحكومة الإسرائيلية اليوم توصية وزيرة الخارجية تسيبي ليفني بالسماح لمصر بمضاعفة عدد جنودها المنتشرين على حدود قطاع غزة.