strong>التحقيقات تتقدّم في اغتيال مغنيّة و«هستيريا وقائيّة» في تل أبيب تحسُّباً للردّ
تحوّل تشييع حزب الله أمس لقائد المقاومة العسكريّ الشهيد عماد مغنيّة، الى مناسبة لإطلاق الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله المواقف الأكثر دقة وخطورة، إذ أعلن دخول المقاومة في الحرب المفتوحة مع إسرائيل خارج الإطار الجغرافي التقليدي للمعركة، معلناً تأريخاً جديداً للأحداث على قاعدة أن المعركة المفتوحة الآن هي لإنهاء إسرائيل.
وأمام عشرات الألوف الذين تجمّعوا في قاعة سيّد الشهداء والشوارع المحيطة، ألقى نصر اللّه خطاباً مكتوباً ضمّنه سلسلة من المواقف اللافتة أبرزها اعتباره أن «حرب تموز ما زالت مستمرة» وأن اغتيال مغنية تم في سياقها. وقال إن إسرائيل «لا تعرف انعكاس استشهاد القادة على حزب الله»، معلناً في موقف لافت «ليسمع العالم كله، وعلى مسؤوليتي، يجب أن نؤرّخ لمرحلة بدء سقوط دولة إسرائيل»، مضيفاً «إنّ دم عماد مغنية سيخرجهم من الوجود».
وإذ حرص على طمأنة «المحبّين والقلقين» الى عدم وجود «وهن أو ضعف أو خلل في جسد المقاومة»، قال نصر الله «إن المقاومة في أتمّ الجهوزية لمواجهة أي عدوان محتمل. ولقد ترك عماد مغنية خلفه عشرات الآلاف من المقاتلين المدرّبين المجهّزين الحاضرين للشهادة».
وفي تهديد واضح يشير الى تخلّي الحزب عن المعادلات التي كانت تتحكّم بصراعه مع إسرائيل، توجّه نصر اللّه الى الاسرائيليين قائلاً: «لقد قتلتم الحاج عماد خارج الأرض الطبيعية للمعركة، لقد اجتزتم الحدود، وأمام هذا القتل في الزمان والمكان والأسلوب، أيّها الصهاينة إن كنتم تريدون هذا النوع من الحرب المفتوحة، فليسمع العالم كله، فلتكن هذه الحرب المفتوحة».

إسرائيل

وإذا كانت ردود الفعل اللبنانية على خطاب نصر الله غائبة امس، فإن إسرائيل انشغلت بكل مؤسساتها برزمة من الاجراءات الوقائية الهادفة إلى منع تعرّض مؤسساتها ومواطنيها خارج إسرائيل لعمليات أمنية قد ينفّذها حزب الله. وعقدت اجتماعات رفيعة على أكثر من مستوى أبرزها ترؤس وزير الدفاع إيهود باراك اجتماعاً خاصاً لقيادة الجيش والاجهزة الامنية الملحقة به، فيما أصدر مساعدون لرئيس الوزراء الإسرائيلي تحذيراً للمواطنين الإسرائيليين في الخارج بأن يتخذوا أقصى درجات الحيطة والحذر وعدم السفر إلى الدول العربية والإسلامية.
والى جانب الاستنفار العسكري على الحدود مع لبنان، فإن الاجهزة الامنية في إسرائيل حذرت من حصول عمليات في المناطق الفلسطينية المحتلة، فيما أظهرت وسائل الإعلام الاسرائيلية وجود «هستيريا» في التعليمات المتلاحقة للمواطنين داخل الدولة وخارجها وتشمل كل البرامج السياحية والاقتصادية والتجارية وعقود العمل، ما اضطر وزيرة الخارجية تسيبي ليفني لأن تصدر بياناً تقول فيه إن «حزب الله منظمة إرهابية، وإسرائيل مهددة منذ إنشائها. ونحن نعرف كيف نتعامل مع هذا النوع من التهديدات وسنعرف كيف نواجهها ولا ينبغي أن نصاب بالذعر».
أما الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز فقال إن «نصر الله لم يحقق شيئاً في حرب لبنان الثانية وجلب ضرراً كبيراً على لبنان وتلقى ضربات شديدة للغاية». واعتبر أن «نصر الله هو مشكلة وخطر على الشعب اللبناني».

واشنطن

وعلق المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك على كلام السيد نصر الله بالقول «عموماً، إن تصريحات من هذا النوع تكون مبعث قلق كبير ولا بد من أن تنذر الجميع بالخطر»، معتبراً أن لحزب الله «تاريخاً طويلاً من العنف والارهاب في كل أنحاء العالم». وأضاف «في كل مرة توجه فيها منظمة إرهابية تهديداً الى ديموقراطية، الى دولة عضو في الأمم المتحدة، لا بد أن تكون مبعث قلق لجميع الأمم المتمدنة في العالم».

متّكي والمعلّم

وفي دمشق أعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلم «أن أجهزة الأمن السورية تواصل التحقيق في هذه الجريمة الإرهابية والسهر على أمن الوطن والمواطنين»، آملاً «أن تعلن قريباً نتائج «هذا الجهد الجبار». وأضاف المعلم «نحن كدولة سوف نثبت بالدليل القاطع الجهة التي تورطت في هذه الجريمة ومن يقف خلفها»، فيما رفض إعطاء تفاصيل عن عملية اغتيال مغنية «لمصلحة التحقيق».
وعلمت «الأخبار» من مصادر مطلعة أن التحقيقات الميدانية في الجريمة حققت تقدماً لناحية توضيح صورة التنفيذ مع جمع عناصر وأدلة تساعد على توضيح الصور الكاملة. كما علم أن محققين من حزب الله يشاركون في التحقيقات الميدانية التي تجريها السلطات السورية، ولم يتأكد ما إذا كانت السلطات السورية سوف تعلن قريباً نتائج التحقيقات.
وكان المعلم يتحدث عقب اجتماعه مع نظيره الإيراني منوشهر متكي الذي وصل دمشق بعد ظهر أمس قادماً من بيروت بعد مشاركته في مراسم تشييع مغنية. وقال المعلم «أعتقد أن من اغتال مغنية اغتال أي جهد لتحقيق عملية السلام»، مؤكداً: «من يرد السلام لا يرتكب الإرهاب ولا يحاصر غزة فيما مليون ونصف مليون فلسطيني يفتقدون أبسط متطلبات الحياة اليومية وأطفالهم في المستشفيات يعانون انقطاع التيار الكهربائي. من يرد السلام لا يبنِ المستوطنات ولا يهوّد مدينة القدس». وتساءل «أمام كل هذا المسلسل الإسرائيلي الذي يقوم بالانتهاكات وينتهك القانون الدولي الإنساني ويحاصر شعباً بعقوبات جماعية، أين عملية السلام؟».
ورداً على سؤال عن إمكان الربط بين توقيت اغتيال مغنية وذكرى استشهاد الحريري وإذا ما كان الهدف خلط الأوراق على الساحة اللبنانية، قال المعلم: «المناضل عماد مغنية نتيجة ما قام به من عمليات بطولية هو مطلوب من عدد كبير من أجهزة المخابرات وهو عمود فقري في المقاومة الوطنية والإسلامية»، لذلك لم ير المعلم ربطاً بين «الجريمة الإرهابية التي استهدفت مغنية وذكرى الجريمة الإرهابية التي استهدفت الرئيس رفيق الحريري إلا من حيث التوقيت».
من جانبه، قال متكي إن العام الحالي مهم بالنسبة لفلسطين وقال «يبدو ان الكيان الصهيوني يفكر بعدوان جديد والقيام بهجمات جديدة»، مشيراً إلى أنّ «الجرائم التي يرتكبها في غزة تبدو خطة مرسومة لتحقيق أهدافه المشؤومة». وعبّر عن قناعة بلاده «بأنهم لن ينجحوا كما في كل مرة في أن يحققوا أهدافهم الشيطانية».
وكان متكي التقى بالرئيس السوري بشار الأسد فور مغادرته لبنان الى دمشق.