برّي يكشف أسرار مفاوضات موسى: فريق السلطة يرفض قانون الانتخابات لا الحكومة فقط
أضاف القرار الأميركي إرسال المدمّرة «كول» وقطع بحرية حربية أخرى للاستقرار قبالة الشاطئ اللبناني، مادة سياسية الى السجال الداخلي، وسط مفارقة لافتة لناحية سعي فريق السلطة والرئيس فؤاد السنيورة الى التبرّؤ من المسؤولية عن وصولها، فيما كانت الإدارة الأميركية تؤكد وجود تنسيق معه في أمور كثيرة منها الانتشار العسكري البحري.
في هذه الأثناء كان الرئيس نبيه بري يطلق في مقابلة تلفزيونية مواقف ركّزت على سبل إنتاج حل للأزمة الرئاسية. لكنه عرض كل مراحل التفاوض قبل جهود الجامعة العربية وخلالها، كاشفاً أن فريق الموالاة رفض أكثر من مبادرة وأن التطورات أظهرت أنه يعترض على قانون الانتخابات النيابية لا على توزيع الحصص الحكومية.

العدوان الأميركي

وفي ردود فعل مقتضبة، أعلنت قوى الموالاة من خلال مجموعة مواقف أنها لا تقف خلف مجيء المدمّرة الاميركية الى السواحل. وبدت مرتبكة إزاء الأمر وخصوصاً أنه يتناقض مع كل شعاراتها المرفوعة، فيما كانت أوساطها الداخلية والكلام المنقول عن كوادر قواها تعيش نوعاً من الزهو بقدوم الجيش الاميركي واعتبار ذلك خطوة ضرورية لردع سوريا وإيران عن التدخل في لبنان.
إلا أن الطرف الأبرز في المعارضة، أي حزب الله، دعا الى التعامل مع الحضور العسكري الأميركي بأبعاده المختلفة. وقالت مصادر قيادية فيه إن الولايات المتحدة تشعر بأنها مطالبة من جميع حلفائها في المنطقة بالحضور المباشر، وذلك في فلسطين وإسرائيل ولبنان، وإن مجيء القوات الاميركية يؤكد وجهة النظر التي تقول بأن المعركة يجب أن تكون مع الوصي الأجنبي أكثر منها مع الفريق التابع له. وشككت المصادر في أن يكون فريق السلطة بعيداً عن أجواء القرار. وقالت إن واشنطن قد تكون غير معنية بإبلاغ هؤلاء ببرامجها، لكن سبق أن أطلق أقطاب فريق السلطة مجموعة من المواقف المتشددة، وكرروا رفضهم التسوية مع المعارضة، ما يعني أنهم يعملون في سياق التصعيد الذي تقوده الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة والذي يؤدي الى حرب شاملة.
من جانبها قالت مصادر في التيار الوطني الحر إن محاولة فريق السلطة الاستعانة أو الاستفادة من الحضور العسكري الاميركي لن تفيد في شيء، وإن المعارضة لن تتنازل عن حقها في المشاركة، مشيرة الى أن أمام فريق السلطة خيار التصرف من طرف واحد وتحمّل مسؤولية النتائج.
وحرص الرئيس السنيورة منذ صباح أمس، ومعه قيادات من فريق الأكثرية، على نفي وجود طلب باستقدام القوات الاميركية، وقال السنيورة في كلمة أمام السفراء العرب في بيروت إن الحكومة لم تطلب مجيء المدمّرة. وقال «إننا لم نستدع أي بوارج حربية من أي جهة كانت».

البيان الأميركي

في واشنطن تجنّب الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض غوردن جوندرو تأكيد أو نفي وجود مشاورات بين الولايات المتحدة والحكومة اللبنانية بشأن إرسال المدمرة كول إلى البحر المتوسط قرب الشواطئ اللبنانية. ورداً على سؤال عن عدم حدوث تنسيق بين الولايات المتحدة ولبنان في شأن عرض القوة الأميركي في المنطقة، قال «كلا، يمكنني القول إننا نجري مشاورات منتظمة مع رئيس الوزراء فؤاد السنيورة وحكومته كما نجري مشاورات مع حلفائنا سواء في المنطقة المباشرة أو في أوروبا حول الوضع في لبنان». وأضاف «لذلك هناك اتصالات مستمرة على مختلف المستويات، ولكن دعوني أوضح أن الغرض من وجود السفن الحربية الأميركية في شرق المتوسط هو لإظهار الدعم للاستقرار الإقليمي. لذلك فإنني أعتقد أننا جميعاً نريد ذلك. إنني أعلم أننا نشارك رئيس الوزراء السنيورة رغبته في التوصل إلى حل للوضع في لبنان من خلال الشعب اللبناني.» وقال إنه سوف ينظر مرة أخرى في موضوع التنسيق مع الحكومة اللبنانية بشأن موضوع إرسال المدمرة كول.
من جهة أخرى نفى رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الأميركية الأدميرال مايكل مولن أن يكون إرسال كول يستهدف سوريا. وقال بعد لقائه هيئة الأركان المشتركة في وزارة الدفاع الاميركية إن الوجود الأميركي البحري في هذه المنطقة «أمر مهم والهدف ليس إرسال أي رسالة أقوى من أن الولايات المتحدة تشارك على الدوام وأنها دائماً حاضرة بالقرب من المنطقة». وأضاف أن هذا القرار لا يستهدف سوريا بل المنطقة عموماً للمحافظة على استقرارها، ورفض الربط بين إرسال المدمّرة وانتخاب رئيس للبنان، معتبراً أن هذا الربط «غير صحيح وإن كنا مدركين تماماً أن انتخابات ستجري في لبنان في وقت ما». وأكدت ناطقة باسم البنتاغون وجود المدمرة كول في شرق البحر المتوسط، دون أن تفصح عن مكان وجودها.

بري وأسرار المفاوضات

وفي حوار بمشاركة ناشر «السفير» طلال سلمان ورئيس تحرير «النهار» غسان تويني، أعلن الرئيس بري أنه كان قد اتفق مع الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى لدى إعلان المبادرة العربية على الآتي: 1ـــــ اعتماد البيان الوزاري الحالي، 2ـــــ احترام القرارات الدولية، 3ـــــ احترام كل مقررات طاولة الحوار، 4ـــــ العماد ميشال سليمان هو مرشح التوافق ولا إشكال دستورياً في انتخابه المباشر، 5ـــــ اعتماد القضاء دائرة انتخابية في قانون الانتخاب الصادر عام 1960، 6ـــــ الحكومة ممنوع عليها أن تستقيل أو تتعرّض للاستقالة أو للتعطيل وذلك بصورة استثنائية من الآن وحتى إجراء الانتخابات النيابية المقبلة، 7ـــــ يقوم رئيس الجمهورية المنتخب بقيادة عملية التوافق على اتخاذ القرارات ذات الأهمية الخاصة المشار إليها في المادة 65 من الدستور. وأشار إلى «أننا اختلفنا على نقطة واحدة هي أنني أصررت على حكومة 10+10+10 فيما أصرّ موسى على 13+7+10».
وشرح بري إصراره على المثالثة وقال: «عندما تقول ممنوع على أي من الفريقين أن يكون له حق الأرجحية فهذا يعني 15+1 أو حق الإسقاط فهذا يعني 10+1، وكل شيء يدل على أن موضوع العشرات هو الذي يمشي».
وذكر بري أنه خلال الاجتماع الرباعي ما قبل الأخير اتصل به العماد ميشال عون «وقال لي إن الإخوان يعرضون عليّ 10+10+10 فقلت له من عرض عليك فقال: سعد الحريري. فقلت له اقبل بالأمر بلا تردد. فقال: بدون أي شيء؟ فقلت رجاءً وافق بدون أي تردد، علماً بأنني في الجلسة مع عمرو موسى قبلها بيوم قلت له إذا أقنعت الأكثرية بالعشرات فأنا أتكفل بإقناع المعارضة، وإذا لم يوافق الآخرون فأنا مستعد لأنزل مع كتلتي وأصوّت حتى ولو أدى ذلك الى انقسام داخل المعارضة. ولكن بعد الاجتماع قال لي موسى إن ممثلكم لم يقبل. فقلت له بلى وسيقول عون كلاماً آخر». وأشار بري الى أنه التقى موسى وأقنعه يومها بإلغاء سفره وأن الأخير غادر مكتبه الى قريطم ليعود لاحقاً ويبلغه أن الموالاة غيّرت رأيها ولم تعد قابلة بحكومة العشرات.
وقال بري: «لا يزال الحل على أساس العشرات الثلاث قائماً». واتهم الموالاة بعرقلة المبادرة من خلال اللقاءين الرباعيين الأخيرين وأعلن تأييد المعارضة لقانون الانتخاب على أساس القضاء المنصوص عليه في قانون 1960 «وأي تغيير لن يكون إلى تحت ولكن إلى فوق». وأضاف: «سمير جعجع قال إن القضاء «منيح بس مش هيدا الموجود وصار فيه أقضية» بمعنى آخر إن النوايا هي أن نصل إلى أن المسيحي ينتخب المسيحي والسني ينتخب السني والشيعي ينتخب الشيعي و«دقي يا مزيكا» فعندئذ كيف نوحد البلد؟».
وتعليقاً على دخول المدمرة الأميركية «كول» المياه اللبنانية قال بري: «الهدف من «كول» هو غزة وأن يتمّ ما يجب أن يتم في غزة دون أن يتحرك أحد للمؤازرة، والخوف هو بالتالي من المقاومة في لبنان وهذه عملية تهديد حقيقية والأسطول يأتي لمؤازرة إسرائيل كي تستكمل مخططها».