موجة الغلاء الأخيرة التي يشهدها لبنان، أعادت مطلب تصحيح الأجور إلى مقدمة الأولويات الاقتصادية والاجتماعية... فهذا المطلب المغيّب من «أجندة» البرامج «الإصلاحية» طيلة الأعوام الـ11 الماضية، بات يجسّد الآن العنوان الرئيس لتواطؤ الطبقة السياسية في خدمة مصالحها «الريعيّة».لقد وقفت الحكومات المتعاقبة في مواجهة هذا المطلب، بحجة أن تحقيقه يؤدي إلى انفلات الأسعار... ويهدد سعر صرف الليرة الثابت الذي يمنَّن به اللبنانيون جميعاً، بمعزل عن هوية المستفيدين الحقيقيين من هذا التثبيت. كما رفضت الحكومات رفع الحد الأدنى للأجور بحجة أن أحداً من اللبنانيين لا يتقاضى الحد الأدنى، وبالتالي فهو مؤشّر غير واقعي، وهذا ما تدحضه كل الدراسات، بما فيها دراسات إدارة الإحصاء المركزي ووزارة الشؤون الاجتماعية، التي تؤكّد أن ما بين 8 إلى 10 في المئة من الأسر المقيمة في لبنان يقلّ دخلها الشهري عن 350 دولاراً أميركياً، وتنطبق عليها صفة «الفقر المدقع».
ويكشف الخبير الاقتصادي كمال حمدان أن التضخم المحقق في العقد الأخير وارتفاع الأسعار ساهما في تآكل ثلث القدرة الشرائية لدى العمال والأجراء والموظفين في القطاعين العام والخاص، ويظهر ذلك في مقارنة القدرة الشرائية للأجر منذ عشر سنوات مع قدرته الشرائية الحالية، إذ إن الحد الأدنى للأجور الذي كان يساوي في قدرته الشرائية 200 دولار في عام 1996 بات يساوي اليوم فعلياً 134 دولاراً فقط.
(التفاصيل)