مفاتيح الحلّ تنتظر تفسيرات موسى... وشاكر العبسي يهدّد الجيش

بانتظار قاموس الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، يبقى إعلان القاهرة أحجية لبنانية، رغم أنّ الجميع يتعامل، وللمرة الأولى، بجدية كبيرة مع الإعلان الصادر عن الاجتماع العربي، وسط توقّعات بأنّ أمراً ما سينتج من هذا التحرك العربي الجديد. وقال مرجع معني بالاتصالات إنّ إحدى أبرز نتائج الاجتماع ليست الصيغة التي صدرت في البيان كما اقترحها الجانب القطري، بل المناخ الإيجابي الذي قام للمرة الأولى منذ وقت طويل بين السعودية وسوريا، والذي انعكس تعاوناً في التوصّل إلى الصيغة الوسطية، والتعهد بممارسة الدور المطلوب لكي يقنع كل منهما حلفاءه في لبنان بالسير في المبادرة.
وبحسب الاتفاق، يصل موسى إلى بيروت غداً، ليبدأ من عين التينة سلسلة اتصالات واسعة مع أركان المعارضة والموالاة والمرشح التوافقي العماد ميشال سليمان ورجال دين وشخصيات أخرى. وهو سيكون أمام ثلاثة أسئلة أساسية:
1ـــــ كيف يكون التلازم بين انتخاب الرئيس وتأليف الحكومة، ما دام إعلان القاهرة يدعو إلى إنجاز الأمرين فوراً؟
2ـــــ ما هي الترجمة العملية للقول إنّ التمثيل داخل الحكومة يمنع على أي أحد إسقاطها؟
3ـــــ ما هو الإطار العملي لقانون الانتخاب المفترض إنجازه بأسرع وقت ممكن من جانب الحكومة الجديدة؟
وبحسب المعلومات عن محادثات ما قبل إعلان القاهرة، فإنّ المشاورات السعودية ـــــ المصرية ـــــ السورية انتهت إلى تحديد موعد ومكان الاجتماع في منزل موسى، كي لا يُفسح في المجال أمام دخول مسؤولين آخرين. وكان يفترض أن يبقى الأمر مقتصراً على وزراء الدول الثلاث، لكن دوراً إضافياً كان يقوم به رئيس وزراء قطر حمد بن جاسم جعل حضوره إلزامياً، وهو الذي حمل الصيغة الوسطية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي الذي كانت له مساهمات إضافية في النقاش بشأن الوضع الفلسطيني.
وقد نقل موسى إلى المجتمعين اقتراحاً حمله الوزير طارق متري، يدعو إلى تجزئة الحل من خلال انتخاب الرئيس فوراً، ثمّ الشروع في البحث بشأن الحكومة الجديدة. لكن وجهة النقاش رفضت الأمر سريعاً، وذلك بمواقف متضامنة سورية، قطرية وعمانية، ومن دون تشدد في الموقف السعودي الذي سار في البحث عن صيغة توفر حلاً متكاملاً. وقدّم الصيغة الأخيرة رئيس الحكومة القطرية، وقد استندت إلى إمكان فرض تسوية تمنع على أي من الأطراف اللبنانية التحكّم بالقرار، وذلك من خلال اقتراح تمثيل لا يتيح لأحد إسقاط الحكومة. وهذا يعني ببساطة، وبحسب مواد الدستور اللبناني، ألّا يمتلك أحد الثلث المعطل، أي إن الوزراء الثلاثين سيوزّعون على ثلاثة أطراف.
وتضيف المعلومات أن فكرة التوزيع السابق بشأن منح رئيس الجمهورية القدرة على الحسم لناحية الثلثين، مع إبقاء الثلث المعطل بيد فريق 14 آذار، لم يجرِ السير بها. ولفت وزير الخارجية السوري وليد المعلّم الحاضرين إلى أن بلاده ستسير بالاتفاق، ولكنها ستبقى إلى جانب ما يتفق عليه اللبنانيون. وشرح مصدر معني الأمر بالقول: إن المعلم لفت انتباه الحاضرين إلى أن موافقة دمشق لن تكون كافية إذا لم تكن المعارضة اللبنانية موافقة على الصيغة ذاتها، وهو ما دفع إلى حسم النقاش من خلال الاكتفاء بالصيغة كما جاءت في «إعلان القاهرة» وتكليف موسى إنجاز التفاصيل.

الصيغ والحلول

وبينما قرر كل من الطرفين الموالي والمعارض في بيروت الاكتفاء بإعلان دعم المبادرة وانتظار موسى، فوجئت الأوساط الإعلامية والسياسية ببيان منسوب إلى مصدر قيادي في 14 آذار يعطي تفسيرات خاصة لإعلان القاهرة. وهو أمر نفاه أقطاب في فريق السلطة الذين قالوا إن البيان لم يصدر عن أي جهة منهم. وتولت جهات في المعارضة التدقيق في مصدر البيان، ولم تتوصل إلى تحديد الجهة، مقابل توضيحات قدمت من جانب قادة في فريق 14 آذار إلى مرجعيات عربية تنفي وجود أي موقف مسبق، وإنها في غير وارد تقديم تفسير قبل وصول موسى.
أما المعارضة فقد توافقت من جانبها على الأمر نفسه. وقال العماد ميشال عون إنه يجب انتظار موسى لسماع ما لديه، مذكّراً هو والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بالسعي إلى المشاركة الحقيقية. وطرح عون صيغة التوزيع الوزاري وفق قاعدة 11 وزيراً للمعارضة و5 وزراء لرئيس الجمهورية و14 وزيراً لفريق الأكثرية، وهو ما ترفضه الأكثرية، بحسب النائب سعد الحريري.
وفي التفسيرات الاستباقية، بدا أن اقتراح المثالثة داخل الحكومة لم يكن وليد البارحة، بل كان مدار بحث في لقاء سابق بين الرئيس نبيه بري وقائد الجيش الذي لم يعارض المبدأ، لكنه سأل عن موقف فريق 14 آذار.
لكن منطق الأمور لا يشير إلى إمكان موافقة فريق 14 آذار على اقتراح يساوي بينه وبين فريق المعارضة لناحية عدد الوزراء، عدا عن أن مثل هذه الصيغة ستفجر الفريق نهائياً، إذ إنه بعد تخليه عن خيار النصف + 1 وعن مرشحيه، فإن هذه الصيغة ستمنع التمثيل الوزاري عن كل الفريق المسيحي في اللقاء. وذلك عكس فريق المعارضة الذي لن يخسر شيئاً، ما عدا مقعداً واحداً، علماً بأن قائد الجيش كان قد أكثر في الآونة الأخيرة من عرضه على المعارضة أن يتولى هو تسمية وزير محسوب عليها لطمأنتها إلى أنّها لن تتعرّض للحصار أو الخيانة.
أما الفائز الأكبر فهو موقع رئاسة الجمهورية الذي سيستردّ صلاحيات تتجاوز دور الحكم.
أما الخيار الآخر، فيتعلّق بمنح المعارضة 10 وزراء، مقابل 6 لرئيس الجمهورية (بينهم الوزير السرّي الخاص بالمعارضة) مقابل 14 وزيراً لفريق 14 آذار. وبذلك تكون الكتلة الأخيرة عاجزة عن جمع الحكومة لوحدها لأنها لا تملك نصاب الثلثين، كما إنها ستعجز عن اتخاذ أي قرار لأنها لا تملك نصف الأصوات. لكن فريق المعارضة يرفض هذه الصيغة انطلاقاً من كون التوافق بين فريق الأكثرية ورئيس الجمهورية من شأنه إطاحة المعارضة، كما أن وجود وزراء مثل الياس المر أو شارل رزق من شأنه حسم الأمر مسبقاً لمصلحة 14 آذار.
وتبقى الأجوبة ومفتاح الحلّ بيد موسى!

العبسي

على صعيد آخر، وفي ظهور هو الأول له منذ انتهاء المعارك في نهر البارد، هدّد زعيم جماعة فتح الإسلام شاكر العبسي بشن هجمات على الجيش اللبناني. ونقلت وكالات الأنباء العالمية عن متحدث في تسجيل صوتي، بثّ من موقع على الإنترنت تستخدمه القاعدة وجماعات إسلامية أخرى، أن العبسي يقول إن ما جرى في نهر البارد «معركة البداية». وأضاف: «ها هي رحى الحرب قد دارت بين الإيمان والكفر في بلاد الشام». وتمنّى العبسي لو قتل إلى جانب رفاقه المقاتلين في المخيم.
وإذا تأكدت صحة التسجيل الصوتي، فسيكون أول دليل علني على أن العبسي لم يكن ضمن القتلى في معارك البارد.