توّج الرئيس الأميركي جورج بوش، أمس، جولته الخليجية في الرياض، في زيارة وضعت في خانة تكريس مكانة السعودية عربياً، ولا سيما أنها تزامنت مع إبلاغ الإدارة الأميركية، رسمياً، الكونغرس بصفقة الأسلحة التي تنوي بيعها إلى الدول الخليجية، والتي تقدّر قيمتها بـ20 مليار دولار (التفاصيل).«صفقة» يمكن وضعها في إطار محاولة الإدارة الأميركية إرضاء السعودية، وخصوصاً بعد الفتور الذي شاب العلاقات بين البلدين في أعقاب مؤتمر أنابوليس الدولي للسلام، والذي ترى المملكة أن واشنطن استدرجت العرب إليه تحت عنوان «تهديد إيراني» مزعوم، سرعان ما قلّلت الاستخبارات الأميركية من أهميته.
وسيسعى بوش لدى السعودية إلى تغيير هذه الصورة. ورأى مراقبون أن زيارة بوش، التي لن يغيب لبنان عن جدول أعمالها، تصبّ في اتجاهين متطابقين: التقليل من أهمية التقرير الأخير للاستخبارات الأميركية بشأن نشاطات إيران النووية، وتجديد التزام واشنطن أمن الخليج، وطمأنة حلفائها إلى استبعاد، على الأقل مرحلياً، فكرة العمل العسكري ضدّ طهران. وهو ما أعرب عنه مستشار الأمن القومي الأميركي، ستيفان هادلي، الذي علّق على ردود فعل زعماء الدول الخليجة على حملة بوش على طهران بالقول: «لقد شددوا (القادة العرب) على الجدية التي ينظروا فيها إلى هذه المسألة. لقد اتفقوا على أن الوضع صعب جداً ويحتاج إلى أن يعالج في هذه المرحلة بطريقة دبلوماسية».
كذلك ستحتل عملية السلام في المنطقة حيّزاً مهماً في محادثات بوش في الرياض، والتي بدأها أمس بعشاء «ملكي»، على أن تستكمل اليوم بلقاء في مزرعة الملك عبد الله في الجنادرية. ومن المقرر أن يطلب الضيف الأميركي من الملك السعودي دعم اتفاق سلام بين الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، وهو ما سيقابله عبد الله، بحسب مصادر في المملكة، بالطلب من سيد البيت الأبيض الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت لوقف النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية.
وكانت العلاقات السعودية ـــــ الأميركية قد شهدت خلال السنوات القليلة الماضية مراحل من التوتر، بدأت مع هجمات 11 أيلول، قبل أن يفاقمها الدعم الأميركي لشيعة العراق ولفدرلته، توتر دفع الملك عبد الله إلى رفض تلبية دعوتين لزيارة الولايات المتحدة، وكان وراء خطاب شديد اللهجة ألقاه في القمة العربية في الرياض، في آذار الماضي.
لكن العلاقات شهدت تحسناً في وقت لاحق، مع نجاح الإدارة الأميركية في تضخيم التهديد الإيراني لدول الخليج، واللعب على وتر الفتنة المذهبية السنية ـــــ الشيعية. نجاح سعت الولايات المتحدة إلى توظيفه عبر تصنيف دول المنطقة بين «معتدلين» يشملون مصر والأردن بزعامة السعودية، و«متطرفين»، في إشارة إلى إيران وسوريا وحزب الله وحركة «حماس». وجاء عدوان تموز على لبنان والأزمة السياسية الداخلية التي تلته ليزيدا من حدة الانقسام بين المعسكرين.
لكن الأسابيع الماضية شهدت تقارباً إيرانياً خليجياً، عززه تقرير الاستخبارات الأميركية الذي أكد أن طهران أوقفت تسلّحها