strong>تحميل برّي وسوريا مسؤوليّة التعطيل ونصر اللّه ينعى المبادرة العربيّة وتفجير يستهدف الأميركيّين
لن يكون بمقدور الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أن يفتح الباب واسعاً أمام تسوية كالتي جاء من أجلها قبل أسبوع. ذلك أنه يدرك أكثر من غيره أن مهمته محددة هذه المرة في نفض يد المؤسسة العربية الرسمية من الحل اللبناني، والقول بأن الجامعة العربية كإطار رسمي غير قادرة على فرض تسوية على أفرقاء الأزمة اللبنانية، وأنها تحتاج الى دعم ما دامت لا تجد ما يسهّل لها مهمتها لبنانياً. وبالطبع، فإنّ في العالم من سيخرج ليقول إن فشل تعريب الأزمة يفرض التوجه مباشرة نحو مجلس الأمن الدولي على خلفية أن المجتمع الدولي يستطيع أن يفرض آلية على اللبنانيين ويقدر على تهديد القوى الاقليمية لفرض تنفيذ هذه الآلية. وأخطر ما في هذه التورية أن في لبنان قوى على علاقة خطيرة بالأميركيين تفترض أن في التدويل ما يوفّر الحلّ سريعاً. حتى إن مرجعاً كبيراً كشف عن مسوّدة رسالة أعدّها فريق 14 آذار الى مجلس الامن من خلال الامانة العامة للأمم المتحدة ودول كبرى للتدخّل من أجل:
1ـ وضع حدّ لمصادرة المجلس النيابي من قبل المعارضة ممثلة بالرئيس نبيه بري.
2ـ وضع حدّ للتدخّل السوري المانع لتحقيق تسوية من خلال عمليات تخريب أمنية.
3ـ الضغط على إيران وعلى قوى لبنانية لا تريد إنجاز الانتخابات الرئاسية وإقامة الحكومة الجديدة.
وحسب المرجع، فإن الجانب الفرنسي الذي بادر الى تقبل القرار الاميركي، وحتى السعودي، بتعطيل مبادرته، يقف الآن خلف مساعٍ مع دول أعضاء في مجلس الامن الدولي للبدء بمرحلة من الضغوط التي تشمل إصدار بيان رئاسي يدعو الى إجراء الانتخابات الرئاسية فوراً، وبيان يطالب سوريا بوقف التدخل المانع لحصول هذه الانتخابات، وتهديد سوريا بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية عليها، إذا هي لم تبادر سريعاً الى الضغط على قوى حليفة لها في لبنان لتسهيل الحل وفق قاعدة انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان فوراً وتأليف حكومة يكون فيها لفريق 14 آذار الأغلبية الواضحة في المقاعد، ويترك لرئيس الجمهورية حق الحسم دون منح المعارضة الثلث المعطل.
وحسب مصادر مطلعة، فإن وزير الاتصالات مروان حمادة تحدث بإسهاب عن القرار الدولي الجديد. وقال إن لبنان على وشك مواجهة جديدة وسيكون هناك قرار يشبه القرار 1559، وإن سوريا ستدفع ثمن منعها الانتخابات، وكذلك القوى المتعاونة معها. وكشفت المصادر نفسها عن مراجعة شخصيات لبنانية ممثل الأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسون حول حقيقة الامر، فلم ينفِ وجود اتصالات ومناخات عامة بهذا الخصوص، لكنه نفى علمه بوجود ترتيبات أو آليات عمل جاهزة، علماً بأن مقربين من الأمم المتحدة في بيروت ومصادر أخرى في نيويورك تحدثوا عن قرار يمهّد لفرض عقوبات على سوريا وإيران من الباب اللبناني، والتلويح بمواقف حادة ضد المعارضة اللبنانية وتحديداً ضد الرئيس بري الذي بدا امس بحسب زوّاره «متشائماً جداً»، بعدما فقد إيمانه بجدوى المبادرة العربية في ضوء كل ما برز من مواقف وحصل من تطوّرات، وهو يتخوّف من أن تطول الأزمة بضعة أشهر.
وبينما كان البطريرك الماروني نصر الله صفير يعلن موقفاً بدا فيه متفهّماً لاحتمال اللجوء الى التدويل، ذكرت مصادر في المعارضة أن صفير «مطّلع على أجواء الخطوات التي سيقوم بها فريق 14 آذار في هذا المجال، ويبدو أنه موافق عليها». أما الأمين العام للجامعة العربية فقد أقرّ قبل وصوله الى بيروت اليوم بوجود مساع دولية لنقل الملف اللبناني الى مجلس الأمن.

نصر الله

من جانبه، رأى الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله أنه إذا كانت المبادرة العربية للضغط على المعارضة أو لتحميلها مسؤولية الفشل، فهذا لا ينفع، كاشفاً عن أنه قال لموسى خلال لقائهما الاخير «ضعها في رقبتي ورقبة الحزب». وأضاف: «قلت للأمين العام إن تحميلنا المسؤولية لا يخيفنا، لأن من حُمّل حرب تموز ولم يخف، حاضر لتحمّل أي مسؤولية أو تبعات يريد أي شخص أن يحمّله إياها»، آملاً أن «تكون زيارة الأمين العام المقبلة للحلّ لا لتحميل تبعات الفشل لفريق دون آخر».
وجدّد نصر الله في كلمة له خلال المجلس العاشورائي أمس، دعوة الموالاة إلى الحوار مع ممثّل المعارضة المفوّض. ورأى أن رهان فريق السلطة على متغيرات لبنانية بمعنى تراجع المعارضة يجعله مشتبهاً، والرهان على متغيرات إقليمية يجعله «مشتبهاً كثيراً»، مؤكداً «أننا قادرون على منع أي أحد في هذا العالم أن يفرض على بلدنا وشعبنا ما لا يتماشى مع مصلحتهما».
وكشف نصر الله أن زيارة مساعد وزيرة الخارجية الاميركية دايفيد ولش وعضو مجلس الأمن القومي الأميركي إليوت أبرامز الأخيرة الى بيروت كانت تهدف «للمّ صفوف فريق 14 آذار الذي صعّد موقفه بعد هذه الزيارة، ومعلوماتنا تشير إلى أن هذا الفريق قيل له إن عليه أن يتماسك حوالى 3ـ4 أشهر وبعدها سيتغيّر الوضع في لبنان والمنطقة لمصلحته». ورأى أن التعويل على هذه الرهانات خاسر. فـ«متغيرات المنطقة ستكون لمصلحتنا لا لمصلحة الموالاة»، مؤكداً أن مصلحة الموالاة تكمن في التعاون مع المعارضة. ودعا المسؤولين العرب الى تقديم مساعدة جدية للبنان، وألا تكون المبادرة العربية لتقطيع الوقت وللضغط على فريق المعارضة.

تفجير الكرنتينا

وكانت بيروت قد شهدت أمس تفجيراً لعبوة ناسفة يشتبه في أنها استهدفت سيارة تابعة للسفارة الاميركية في بيروت، وذلك قبل ساعات من موعد حفل وداعي كان مقرراً تنظيمه في بيروت للسفير الاميركي جيفري فيلتمان لمناسبة قرب موعد مغادرته بيروت. وتلقى فيلتمان امس سيلاً من الاتصالات من جانب عدد كبير من المسؤولين والشخصيات اللبنانية المستنكرة للهجوم الذي أدى إلى مقتل ثلاثة لبنانيين وإصابة 26 آخرين بينهم موظف مدني في السفارة الاميركية. وتردّد عن مصادر أمنية أن السيارة التي استهدفت كانت تسلك طريقاً فرعية تستخدمها السفارة الاميركية على سبيل التمويه. ولم تشر المصادر الأمنية الى جديد نوعيّ، ما عدا جمع شهادات عدد من المواطنين الذين كانوا في المكان، فيما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم.