إضراب قطاعَيْ النقل والزراعة بقي «تحت السيطرة» وجنبلاط يتّهم حزب اللّه بالإعداد لـ«حرب جديدة»

تجاوز لبنان «قطوع» الإضراب أمس، وخرج الجميع منه بلا مكاسب وبأقل الأضرار، فأعلن منظّموه أنه ليس سوى خطوة أولى باتجاه تحرك أشمل وأوسع، فيما حيّا وزير الداخلية والبلديات حسن السبع روح المسؤولية لدى جميع القوى السياسية لتقديرها دقّة المرحلة التي تمر بها البلاد. واعتبر الوزير جهاد أزعور في حديث إلى برنامج «كلام الناس» أنّ التحرّك كان «مسؤولاً وعقلانياً».
وخلافاً لكل التوقعات، لم يشهد الإضراب أي إشكالات أمنية أو أهلية، عدا حادث فردي نتج عن إطلاق أحد عناصر الأمن العام النار على مجموعة شبان في النبي عثمان في البقاع لإجبارهم على فتح الطريق ليعبر الى وظيفته، ما أدى الى إصابة فتى بجروح بالغة، فيما سلّم الجاني نفسه للجهات المختصة التي وعدت بفتح تحقيق جدّي بالحادث.
وتخلل يوم الإضراب الطويل قطع طرقات وإشعال الإطارات المطاطية في عدد محدود من المناطق والقرى، ما أشار بوضوح الى عدم وجود رغبة لدى قوى المعارضة وأحزابها في تصعيد الموقف في الشارع، وهو ما عبّر عنه البيان الصادر عن مكتب الرئيس نبيه بري الذي أشار الى اتصالات أجراها مع القادة النقابيين من أجل المحافظة على الطابع السلمي للتحرك وقطع الطريق أمام محاولات التشويش... كما شدّد بري على تحييد بيروت الإدارية، وهو ما حصل فعلاً أمس، إذ لم تشهد العاصمة أي تجمعات، وتركّزت التحركات الميدانية في الضاحية الجنوبية والبقاع والجنوب وعكار.

مذكّرتان

وعلى الصعيد السياسي، بدا الجميع أمس في حال ترقب وانتظار لما سيسفر عنه اجتماع وزراء الخارجية العرب بعد غد الأحد في القاهرة من قرارات في شأن المبادرة العربية، في ضوء تقرير أعده الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى علمت «الأخبار» أنه لن يذكر فيه أي طرف من زاوية تحميله أي مسؤولية عن تعثر هذه المبادرة، وإنما سيعرض نتائج محادثاته في بيروت ويحدّد أسباب فشل مهمته.
وفي هذه الأثناء أعدت المعارضة مذكّرة الى اجتماع القاهرة سيحملها إليه وفد منها يضم النواب سليم عون ونوار الساحلي وأسامة سعد. وعلمت «الأخبار» أن هذه المذكرة تتمسّك بالمبادرة وتشدّد على وجوب استمرار المساعي العربية، على ألا تكون مجاراة لأي فريق لبناني ضد آخر. وتؤكد أن لبنان هو ذو وجه واحد وذو عينين اثنتين هما الموالاة والمعارضة، وأن على الجامعة العربية أن تنظر إليه بعين واحدة.
وتكرّر المعارضة في المذكرة تمسّكها بسلّة الحلول المتكاملة، وهي انتخاب رئيس الجمهورية وتأليف حكومة وحدة وطنية يكون للمعارضة فيها الثلث الضامن، وإقرار قانون انتخابي جديد، رافضة أي تجزئة للمبادرة.
أمّا من جهة الموالاة، فقد قال مصدر في قوى 14 آذار لـ«الأخبار» إنّ فريق الأكثرية أعدّ مذكرة إلى اجتماع الوزراء سيسلّمها اليوم إلى السفراء العرب، بواسطة وفد سيجول عليهم.
وإذ رفض المصدر الكشف عن مضمون المذكرة التي ستعلن اليوم، اكتفى بالتأكيد أنها تشدّد على التمسك بالشرعية العربية وبمبادرة جامعة الدول العربية، كما تشدد على ترشيح قائد الجيش العماد ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية.
وتوقع المصدر أن يبحث اجتماع القاهرة في عقد قمة عربية طارئة تخصص للبحث في الوضعين اللبناني والفلسطيني، وأكد أن القمة العربية العادية لن تعقد في دمشق كما هو مقرر في أواخر آذار المقبل. وأشار إلى أنّ بدء بعض الجهات المحلية والإقليمية بطرح أسماء مرشحين للرئاسة إنما يُراد منه حرق ترشيح العماد سليمان، مبدياً تخوّفه من أن تستمر الأزمة بين الموالاة والمعارضة طويلاً.

جنبلاط

وفي ظل هذه الأجواء، ربط رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط بين الإضراب «الفاشل» الذي نفذته النقابات العمالية وتعطيل المحكمة الدولية، معتبراً أنّ النظام السوري وحلفاءه لا «يريدون سماع كلمة محكمة دولية». ورأى أن الاغتيالات السياسية ستستمر ولم يستبعد إمكان العودة إلى خطف الرهائن الأجانب في لبنان.
وقال جنبلاط في حديث إلى قناة «العربيّة»، إن قائد الجيش العماد ميشال سليمان «يدفع اليوم ثمن نجاحه في حرب نهر البارد»، مشدداً على «أن الموالاة لن تتخلى عن ترشيحه مقابل ترشيحات أخرى سمعتها من دوائر أجنبية وعربية خلال الأيام الماضية». ولفت إلى أنّ العماد سليمان «لم يكن مرشح المعارضة».
وأشار جنبلاط إلى أن مسؤولية وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم المقبل في 27 الجاري هي «أن يكون لبنان أو يزول»، وإذ تخوّف جنبلاط من «حرب جديدة يعدّ لها حزب الله»، دعا إلى حوار حول سلاح الحزب «على أساس أن يكون مصير هذا السلاح في الوقت المناسب بيد الجيش». وشدد على أن قوى «14 آذار» لا تخاف السلاح.
ودعا جنبلاط الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله للتخلّي عن «فارسيّته وسوريّته» والعودة إلى مسلّمات الحوار، معتبراً، على صعيد آخر، أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري «سيعود إلى لبنانيّته ويخرج من الطوق المفروض عليه».
ووصف جنبلاط وثيقة رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون حول التوطين بأنها «سخيفة ووهميّة»، مطالباً باحترام اللاجئ الفلسطيني وحقوقه المدنية إلى حين عودته إلى فلسطين.