strong>جهود عربيّة لحماية ترشيح سليمان ونفي قطريّ وفرنسيّ لطرح أسماء بديلة
لم يطح التفجير الإرهابي الكبير الذي استهدف أمس عقل المعلوماتية في قوى الأمن الداخلي النقيب وسام عيد، المداولات السياسية الجارية داخل لبنان وخارجه بشأن الأزمة الرئاسية والسياسية. لكن عودة الاغتيالات الى الساحة أشاعت مناخاً مقلقاً حيال التوتّرات الكامنة في كل مكان، وسط تعقيدات كبيرة تواجه المساعي الوفاقية، فيما كانت باريس تشهد سلسلة من الاتصالات الخاصة بعيداً عن الأضواء، ترافقت مع صدور توضيحات ومواقف فرنسية وقطرية حول المداولات الاخيرة بشأن احتمال طرح مرشح توافقي آخر غير المرشح العماد ميشال سليمان.
ونقلت وكالة الأنباء القطرية تعليقاً لرئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم بشأن ما يتردّد عن مساع قطرية للدفع بمرشح للرئاسة اللبنانية بخلاف المتفق عليه عربياً. وقال بن جاسم «ان دولة قطر ملتزمة بالمبادرة العربية وتدعم ما يتفق عليه الإخوة اللبنانيون»، مضيفاً إنّ «ما تردّد فى وسائل الإعلام بهذا الشان أمر غير دقيق».
من جانبها، نشرت وكالة الأنباء الإيطالية نفياً لمصدر فرنسي رسمي أن يكون المسؤول القطري قد حمل إلى الفرنسيين بطلب من سوريا أسماءً جديدة لمرشّحين للرئاسة بدلاً من المرشّح العماد ميشال سليمان. وقال المصدر «لا أعتقد أن الشيخ حمد بن جاسم طرح أسماءً لمرشحين للرئاسة ولكن لا أستبعد أن تكون فكرة طرح مرشحين توافقيين آخرين غير سليمان قيد التداول».
وأكد أن فرنسا مستعدة لدعم كل ما يتوافق عليه اللبنانيون وقال «ندرك الصعوبات التي تمر بها عملية انتخاب قائد الجيش سليمان، وهي لا ترتبط فقط باسم المرشح، بل لها علاقة بتشكيلة الحكومة وعدم توصل الأطراف إلى اتفاق بهذا الشأن».

سليمان والمعارضة ودمشق

من جانبه، وبعد نشاط إعلاميّ لافت له خلال الأيام القليلة الماضية، سرّبت أوساط المرشّح الرئاسي العماد سليمان خبراً عن اجتماع طويل عقده قبل أيام مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله تناول البحث خلاله الأوضاع كافة، كما أعلن مكتب سليمان أمس عن اتصال هاتفي جرى بينه وبين الرئيس السوري بشار الأسد والقيادة العسكرية السورية. وأعقب توزيع الخبر استقبال سليمان الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني السوري نصري خوري لعرض «التنسيق والتعاون القائم بين الجيشين اللبناني والسوري».
وذكرت مصادر مطلعة أن سليمان تمسك بموقفه الرافض لإعطاء أيّ نوع من الضمانات لفريق المعارضة حيال التشكيلة الحكومية المقبلة، مكرّراً حديثه في اتصالاته واجتماعاته الاخيرة «ان تاريخي الشخصي في علاقاتي مع سوريا ومع المقاومة يمنحني الثقة التي تحل محل الضمانات».
إلا أن مواقف سليمان هذه وما نقله عنه إعلاميون من المقربين من فريق السلطة لم تحل المشكلة القائمة لدى قوى المعارضة التي تقول إن موقفها من ترشيح سليمان ليس منفصلاً عن التسوية ككل. وقال مرجع في المعارضة لـ«الأخبار» إن المعارضة «تريد أن تحصل على جميع حقوقها، ولا يكفيها أن يقال لها إن ما هو مطروح محق، بل هي تحتاج الى الحصول على هذا الحق، وبالتالي فإن مطلب الثلث الضامن أساسي، وكذلك الإقرار بالقضاء دائرةً انتخابية وفق تقسيم عام 1960. ومن يدعم هذه المطالب يحصل على دعم المعارضة للوصول الى الرئاسة، وهذا الكلام موجه الى سليمان والى غيره من المرشحين برغم أنه يتمتع حتى اللحظة بالأفضلية على الآخرين».

مبادرة مصريّة جديدة؟

في هذه الأثناء، تردّد أمس أن الرئيس فؤاد السنيورة الذي زار مصر والسعودية سمع كلاماً مصرياً عن أفكار لترتيب توافق سريع في لبنان لمنع أي تدهور، ولضمان وصول العماد سليمان الى الرئاسة. ويدور الحديث عن محاولة مصرية جديدة تحتاج الى تمديد مبادرة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى لأسبوعين اضافيين، على أن يكون الحل منطلقاً من تنازل فريق 14 آذار والقبول بمبدأ المثالثة في توزيع الحصص الوزارية.

تفجير الشيفروليه

وبالعودة الى التفجير الإرهابي، فقد فُجّرت سيارة من نوع BMW/ 320، كحليّة اللون، بنحو 60 كلغ من المواد الناسفة لدى مرور سيارة تابعة لقوى الامن الداخلي كان بداخلها رئيس الفرع التقني في شعبة المعلومات النقيب وسام عيد ومرافقه أسامة مرعب اللذين استشهدا على الفور، بالإضافة الى مقتل مدنيّين اثنين وجرح 38 آخرين صودف وجودهم في المكان. وبدأت على الفور الجهات القضائية والامنية والعسكرية التحقيقات في الحادث دون التوصل الى نتائج خاصة حتى ليل أمس.
وذكرت مصادر مطلعة أن الشهيد عيد كان من المقربين جداً من المقدم وسام الحسن رئيس شعبة المعلومات، وأنه كان مطلعاً على كمية كبيرة من المعلومات التي تخص ملفات التحقيق في جرائم سياسية وغير سياسية وقعت في البلاد خلال العامين الأخيرين، وأن تخصصه المتقدم في شؤون المعلوماتية جعله قريباً من عمل لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وأعمال الدعم التي توفّرها اللجنة في الجرائم الاخرى، وأنه كان عرضة لاستهداف سابق قبل محاولة اغتيال نائب رئيس الشعبة المقدم سمير شحادة. وقالت المصادر إن عيد كان يلجأ الى تدابير خاصة وكان يتصرف على أساس أنه هدف. لكن المصادر سألت عن الاحتراف غير العادي الذي يتمتع به القتلة الذين يملكون أدوات رصد وتعقب متقدمة، أو أن لهم اختراقات في الجسم البشري لشعبة المعلومات. ولفتت المصادر الى أن المشترَك في جرائم اغتيال عيد والعميد فرنسوا الحاج ومحاولة اغتيال شحادة يتعلق بعمل الثلاثة على ملف القوى الاصولية ومجموعات القاعدة، علماً بأن فريق 14 آذار سارع، كما جرت العادة، الى اتهام سوريا بالوقوف وراء الجريمة.
وبينما أعلن الرئيس فؤاد السنيورة الحداد الوطني اليوم السبت استنكاراً للجريمة، صدرت مجموعة كبيرة من ردود الفعل المدينة من الجهات السياسية الداخلية على اختلافها، كما صدرت بيانات استنكار من عواصم عربية ودولية (التفاصيل).