ولش يفتتح حملة ضغوط على برّي وسوريا وانتظار لـ«مفاجأة إعلاميّة» قريبة لساركوزي
خطفت عودة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ولش المفاجئة الى بيروت الأضواء، وسط استمرار مواقف فريقي الموالاة والمعارضة على حالها، مع ارتفاع منسوب رهان فريق 14 آذار على ضغوط دولية على سوريا خلال عطلة عيد الأضحى لإمرار إنجاز الانتخابات الرئاسية السبت المقبل. وذكر مرجع معني في المعارضة أن الاتفاق السياسي لا يزال ممرّاً وأن شرط تحقيقه هو الإقرار بحق المعارضة بالثلث الضامن وإقرار القضاء دائرةً انتخابية في الحد الأدنى.
وأعلن المسؤول الاميركي أنه يعود الى لبنان بطلب من الرئيس جورج بوش، وقد رافقه المسؤول الأكثر تشدّداً إليوت أبرامز، وزار على الفور النائب سعد الحريري ثم الرئيس فؤاد السنيورة، على أن يلتقي اليوم عدداً آخر من القادة السياسيين.
وكان لافتاً أن ولش توجه بالانتقاد مباشرة الى الرئيس نبيه بري ودعاه إلى القيام «بواجبه وأن يسمح للبرلمان بالانعقاد والتصويت». كما رأى أن على «البرلمانيين أن يقوموا بواجبهم بانتخاب رئيس جديد من دون أي شروط أو أي تأجيل»، متهماً المعارضة بالتعطيل. وبرغم أنه قال إن واشنطن لا تدرس خطوات بحق سوريا، أشار إلى أن لديها «مسؤولية مهمة في هذا الوضع لتسريع التقدم السياسي هنا، ولا يبدو أنها تقوم بذلك»، معتبراً أنه سيكون لهذا الأمر عواقب.
ورد المكتب الاعلامي لبري على ولش، مؤكداً أن «رئيس المجلس يعرف مسؤولياته جيداً، آملاً أن يكون غيره كذلك، فليضغط على من يستمع إليه ويطيعه كي يتحمّل مسؤولياته».

التصعيد والتشدّد

وذكرت مصادر مطلعة أن المسؤول الأميركي عاد ليؤكد لقوى 14 آذار أن «المجتمع الدولي يقف الى جانبها وأنها غير مضطرة لقبول أي شروط قبل انتخاب الرئيس الجديد». وأضافت ان ولش أوحى بقرب انطلاق حملة انتقاد دولية وعربية لسوريا ولقوى المعارضة بحجة منع انتخاب الرئيس، فيما نقل عن الحريري قوله بعد مغادرة وولش إن فريق السلطة ليس بوارد التنازل وإن أكثر ما يمكن القيام به هو التخلي عن المرشحين للتوافق على العماد سليمان.
من جانب المعارضة، كشف مرجع معني لـ«الأخبار» أن مشاورات جرت خلال الساعات الماضية بين قادة الصف الأول في المعارضة، وكان اتفاق على سلسلة من الأمور أبرزها عدم السير بأي خطوة قبل الحصول على تفاهم سياسي كامل ومكتوب وموقّع ويشمل بصورة رئيسية حصول المعارضة على 13 وزيراً من أعضاء الحكومة المقبلة والاستعداد للتنازل عن وزيرين لمصلحة رئيس الجمهورية على أن يتولى أحدهما حقيبة الداخلية، وكذلك الحصول على إعلان رسمي بأن القضاء هو الدائرة الانتخابية في القانون المفترض إقراره سريعاً، مع التأكيد على أن لكل فريق الحق في ترشيح من يراه مناسباً لمنصب رئيس الحكومة المقبلة، شرط ألا يكون الرئيس فؤاد السنيورة واحداً من هؤلاء.
وقال المرجع إنه لا مجال تحت أي نوع من الضغط الداخلي أو الخارجي لجعل المعارضة تتراجع عن هذه المطالب، وإن الكلام عن ضغوط على سوريا لكي تطلب من المعارضة القبول بتسوية بأي ثمن هو كلام لا مكان له في الحسابات السياسية القائمة الآن، وإن محاورة العماد ميشال عون ممرّ إلزامي للآخرين إذا أرادوا حلاً سريعاً. وحمّل المرجع فريق 14 آذار ومن يقف خلفه من عواصم عربية ودولية مسؤولية الأزمة القائمة الآن.
أما العماد عون فانتقد زيارة ولش وقال «إن الزيارة تحريضية ولخلق مشكل وليست للحل» وأضاف «نحن نرى أن الخطر يأتي على لبنان من السياسة الأميركية التي طبقت في لبنان ودعمت حكومة السنيورة في أخطاء جسيمة وهي تشجع على التصادم».

باريس وتغيير مرتقب

ومن باريس كتب الزميل بسّام الطيارة أن المراقبين يتفقون «على وجود تغيير نوعي كبير في مقاربة الفريق الفرنسي العامل على الملف اللبناني، وهو تغيير ظهر بقوة بعد مؤتمر أنابوليس الذي صادف تراجعاً في فسحة الأمل التي كانت سائدة جراء توافق الفرقاء اللبنانيين على اسم قائد الجيش ميشال سليمان مرشحاً مقبولاً من الجميع».
ويعترف مصدر دبلوماسي فرنسي بأن «الأجواء تغيرت»، ويشير صراحة إلى أن «سوريا لم تنفذ المتفق عليه، وهو الضغط على المعارضة لرفع العقبات التي وضعت بعد الاتفاق على اسم مرشح توافقي». ويشدد المصدر الواسع الاطلاع على أنه «لم تكن هناك ورقة مكتوبة بين بري والحريري في حضور كوشنير»، ويكتفي بالقول إنه «جاء الحديث عن حكومة إجماع وطني» في إشارة إلى «الضغوط المطلوبة من دمشق على حلفائها».
ويشير خبير متخصص في شؤون المنطقة ومقرب من الملف اللبناني إلى أن «باريس ما زالت تتجاهل الكثير من المطالب السورية» وأنها تعرف تماماً أن «مطالب سوريا بالإعلان عن مصالحها في لبنان تتجاوز التصريحات»، ويشدد على أنه ما لم تؤخذ هذه المطالب في الحسبان فإن جواب سوريا سيظل «تكلموا مع المعارضة ونحن مع التوافق». ويشير الى تغييرات في سياسة ساركوزي ويسأل عن«المفاجأة الإعلامية» التي يمكن أن يحضرها الرئيس الفرنسي، وهو الذي برع في «الإخراج الإعلامي لما يحوكه وراء الكواليس».
ومن نيويورك أفاد مراسل «الأخبار» نزار عبود أن المندوب الاميركي في الأمم المتحدة زلماي خليل زاد أكد أنه يتشاور مع زملائه في مجلس الأمن الدولي بشأن إصدار بيان «أو سواه»، من أجل «مساعدة اللبنانيين بقدر استطاعتنا في العملية الانتخابية». وأضاف أن لبنان «مهمّ جداً» لدولته لما له من تأثير إقليمي في المنطقة ككل، وقال «نحن نريد مساعدة لبنان في الأمم المتحدة قدر استطاعتنا». ولوحظ حرصه على تكرار عبارة «قدر استطاعتنا» في كل جملة من تصريحه.