لا يزعج ليلى شيباني الـ»صيت» الذائع عنها بأنها تؤمن بالأبراج. فالأخيرة غيّرت لها مجرى حياتها قبل 27 عاماً. لكن ما يزعجها «المثقفون من اللبنانيين الذين يرفضون التنجيم»
كان المطر يتساقط بغزارة في منطقة جونيه في الرابع من شباط 1980 حين سمعت ليلى غريب ابنة التاسعة عشرة على الراديو أن العازبين من مواليد برج الميزان قد يتغيّر حظهم اليوم. ضحكت في بداية الأمر، فهي لا تؤمن بالأبراج، ثمّ أين ستقابل «فارس الأحلام» في هذا الطقس العاصف؟ أطفأت ليلى الراديو، وشغلت نفسها بخياطة كنزة وقبّعة لابنة أختها الرضيعة. وإذا بوالدتها تطلب منها النزول إلى الدكان لشراء علبة حليب للطفلة. «نزلت إلى دكان أبو ربيع وشفتو». ابتسمت له، ابتسم لها... أغرم واحدهما بالآخر، طلبها من أهلها، وتزوّجا بعد ثلاثة أشهر.
منذ ذلك اليوم تغيّرت حياة ليلى فأصبحت مرتبطة بتوقعات الفلك، «التوقعات التي صدقت في المرة الأولى وفي موضوع مصيري كالزواج لا بدّ أن تصدق في المواضيع الأخرى».
سبع وعشرون سنة مرّت وليلى ما زالت عند «عادتها السيئة» كما يصفها زوجها فؤاد شيباني. تتغاضى عن كلّ التعليقات والانتقادات التي تسمعها يومياً من أهلها وجيرانها... وكاهن الرعية، «أنا هيك مبسوطة بحياتي ومزبطتها على نشرة الأحوال الفلكية». أمّا نشرة الأحوال الفلكية هذه فهي التسمية التي تطلقها ليلى على التوقعات اليومية للأبراج اليومية لإعطائها صبغة علمية كما هي الحال مع نشرة الأحوال الجوية.
لا تنتهي الأخبار عن ليلى وهوسها بالأبراج، وخاصة تلك التي يتذكّرها زوجها وأولادها الثلاثة. «كنت أريد أن نؤسس عائلة كبيرة من ستة أو سبعة أولاد، لكن ليلى رأت أنّنا إذا أنجبنا أكثر من ثلاثة فالحظّ سينقلب علينا وقد أخسر عملي، فالعلاقة الفلكية بين برجينا تمنع إنجاب أكثر من ثلاثة أولاد». ومصادر ليلى هذه المرة أيضاً كانت كتب الأبراج، ولكن، الكتب الفرنسية التي أحضرتها لها شقيقتها من مدينة تولوز.
غير أنّ الموضوع الذي قد يبدو طريفاً للبعض، ليس كذلك بالنسبة إلى فؤاد الذي هدّد زوجته بعد أقلّ من سنتين على زواجهما بالطلاق لأنها كانت ترفض أن تقوم بواجباتها الزوجية في بعض الأيام التي كان الفلك يعاكس فيها تلاقي برجي الميزان (وهو برج ليلى) وبرج الحوت (وهو برج فؤاد)، «إنّو كيف بدي نام معو وهو مش حاسس شي تجاهي؟ أنا ما بقبل هيدا الشي». يضحك تعليق ليلى زوجها فؤاد الذي تعوّد مزاج زوجته «فالسنوات مرّت وليلى لم تتغيّر».
ولكنّ تقبّل فؤاد لزوجته لم ينعكس على جيران السكن. فقد يحدث أن تقاطع ليلى إحدى أعزّ جاراتها ولا تردّ لها التحية لأسباب فلكية، ما أدّى إلى زعل في الفترة الأولى، لكن «مع الوقت تعوّدوا عليّ وأنا تعوّدت عليهم، حتى أنّ إلهام، وهي إحدى جاراتي، بدأت تتابع معي الأبراج بعدما أدركت أن علم الفلك ليس خرافات».
تعترف ليلى بأنها قد تتخطّى الحدود أحياناً في ترسيم خطوط حياتها على قياس التنبؤات «ولكني أجد في الأبراج أماناً معيّناً تعوّدته، وخصوصاً أيام الحرب التي عشناها بين عامي 1988 و1990».
من جهتهم، لأولاد ليلى رأيهم في هواية والدتهم. فجورج ابنها الوحيد والبكر، لا يرى مانعاً في أن تؤمن أمّه بما تشاء، «حين كنت في المدرسة كانت أمي تعلم سلفاً إن كنت سأنجح أو أرسب في الامتحانات، فكان يكفي أن تنظر إلى كتبها العديدة لتعرف الجواب» ويهمس قائلاً: «مش دايماً كانت تزبط معها، بس إنو». أما ابنتاها لارا ويارا فتذكّران والدتهما بتعليقاتها حين لم تكن التوقعات تصدق، فتقول لارا: «كانت تقول شو عالم الفلك الله؟ أكيد في توقعات ما بتزبط».
هل تؤمن ليلى بالله؟ سؤال يردده الكثيرون حول المؤمنين بالتنجيم. تجيب ليلى عنه بسرعة تحاول من خلالها قطع الطريق على المشككّ: «طبعاً أؤمن، أذهب كل أحد إلى الكنيسة، كما أني أصوم الصوم الكبير، وأقطع قطاعة عيد السيدة». تشير ليلى إلى أيقونات القديسين المنتشرة في غرفة الجلوس كدليلٍ «قاطع» على إيمانها. «أنا أريد فقط أن أعرف المستقبل، كل شخص يتمنى ذلك، ومن يقول إنه لا يطّلع على الأبراج في المجلات والصحف والتلفزيون كاذب، لكنّ اللبنانيين يظنون أنهم أكثر ثقافة وفهماً حين ينتقدون
التنجيم».
ليال...